يوسف إسلام

لعل من الأسماء المشهورة عند الجميع اسم ذلك المغني البريطاني، الذي كان اسمه " كات استيفنز " ثم أسلم، وسمي بـ يوسف إسلام، وأذكر أن هذا الرجل قد زار المملكة، وأجرت معه جريدة الجزيرة مقابلة مطولة، وكذلك نشرت عنه مجلة النور الكويتية مقالاً طويلاً مترجماً، أقتطف منه قولها: إن هذا الرجل كان مغنياً، يسمعه الملايين من المعجبين به، واشتهر بأغانيه العاطفية والشعبية، وقد قام بجولات عديدة لإقامة الحفلات الموسيقية في أمريكا وأوروبا والبرازيل وغيرها، وحقق هذا الرجل شهرة عالمية واسعة.

ويصف الرجل موسيقاه التي كان يتعاطاها خلال فترة جاهليته بأنها كانت تعبيراً عن الشعور بالظلام الذي يحس به، ويقول: إنه اختار عنوان "خطوات في الظلام" لآخر عمل له قام به عام 1984م، وقال: إن تلك الأعمال تسجل فترة كان يشعر فيها بأنه يسير في مكان مظلم لا يعرف حقيقته، ويقول: منذ وقت طويل بدأت أبحث عن السعادة والهداية والسلام؛ ولذلك كتب على غلاف التسجيل "إن روحي ظمأى إلى الحقيقة".

وبداية تعرف هذا الرجل بالإسلام كانت عام 1976م، حين عاد أخوه من القدس، فأهداه نسخة من القرآن الكريم، ومنذ ذلك الوقت بدأ يوسف إسلام -لاحقاً- يتردد على مسجد في لندن متنكراً لا يعرفه أحد، ولشدة ما كانت دهشة المسلمين حين عرفوا أن هذا الرجل الغريب الذي يتردد على المسجد هو " كات استيفنز " الذي أصبح فيما بعد يوسف إسلام! ويقول هذا الرجل: إنه ظل فترة -بعد ما تعرف على الإسلام- يمارس بعض الأعمال الفنية والأغاني والموسيقى وغيرها، ثم يقول: بدا لي أن استمراري في هذا العمل لم يكن يؤدي إلى نتيجة، فإنه لابد لي من أحد أمرين: إما أن أتخصص في هذا العمل الذي أجد فيه هوايتي ورغبتي وهو الغناء والموسيقى، وإما أن أتخلى عن هذا العمل لأتفرغ للإسلام والعمل للإسلام.

وبعد ما أعلن هذا الرجل إسلامه اختار الطريق الأخير، وهو أن يترك الفن والغناء إلى غير رجعة بإذن الله، ويتفرغ للدعوة إلى الله عز وجل والتعرف على الإسلام.

وفعلاً سار في هذا الطريق، وزار عدداً من البلاد الإسلامية كالمغرب والسعودية وغيرها، وبعد ما عاد إلى بلده بريطانيا بدأ يمارس نشاطاً إسلامياً قوياً، إذ أسس مدرسة تستقبل أولاد المسلمين، وذلك في مقاطعة في شمال لندن اسمها مقاطعة برنت ويدرس في هذه المقاطعة ما يزيد على مائة وأربعين طفلاً، يتعلمون فيها تعاليم الإسلام، وظل الرجل متجهاً إلى الصلاة والصيام وقراءة القرآن، وشغل وقته في هذه الأعمال المفيدة.

كذلك فكر الرجل في أن يسجل أشرطة أناشيد إسلامية للصغار وغيرهم، تكون بعيدة عن الموسيقى وعن كل ما حرم الله عز وجل.

وهذه القصة التي عاشها وشهدها هذا البطل المسلم يوسف إسلام تكشف عن جوانب مهمة: أن هذا الرجل صرف جهده الذي كان يصرفه في الغناء، إلى الإسلام وإلى الدعوة إلى الله عز وجل وإلى تعليم أولاد المسلمين، وإلى الدعوة إلى الله عز وجل في وطنه، مع أن الرجل بطبيعة الحال لم يكن مسلماً قبل ذلك، وإنما هداه الله عز وجل إلى الإسلام؛ فتخلى عن هذا النشاط الذي أحس بأنه يتناقض مع المبادئ التي آمن بها، ولذلك يقول: إنه شعر أن أمامه أحد طريقين: إما أن يتجه بكليته إلى الإسلام، ويرفض هذا اللون من الفن، وإما أن يستمر في هذا الأمر.

ومعنى ذلك أنه لن يكسب في الجانب الآخر شيئاً، لكن الله عز وجل وفقه لاختيار الطريق الصحيح، طريق الإسلام.

وبعد ذلك أدرك أنه حتى الموسيقى يرفضها الإسلام؛ فصار يفكر في إعداد أناشيد إسلامية للصغار سالمة حتى من هذه الموسيقى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015