وفيما يتعلق بليلة القدر، فإنني أختم موضوعها ببيان أن هذه الليلة ليست خاصةً لهذه الأمة على الراجح، بل هي عامةً لهذه الأمة وللأمم السابقة، لما رواه النسائي عن أبي ذر أنه قال: {يا رسول الله! هل تكون ليلة القدر مع الأنبياء فإذا ماتوا رفعت؟ قال عليه الصلاة والسلام: كلا، بل هي باقية} وهذا أصح من الحديث الذي ذكرته في الجلسة الماضية عن مالك، أن النبي صلى الله عليه وسلم أري أعمار أمته فكأنه تقالها، فأعطي ليلة القدر، وهي خير من ألف شهر.
وعلى فرض صحة حديث مالك، فهو قابل للتأويل، وحديث أبي ذر صريح في أن ليلة القدر تكون مع الأنبياء، ومما يقوي ذلك قوله تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر:1] في ليلة مباركة، الذي أنزل فيه القرآن، ومن المعلوم أن القرآن يوم أنزل أنزل بالنبوة على الرسول صلى الله عليه وسلم، وقبله لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم نبياً حتى تكون ليلة القدر بالنسبة له.