مسئولية الآباء أمام الأبناء

أيها الإخوة: الكثير منا يظن أن المسئولية كلها ملقاة على عاتق الحاكم، والأمير، والوزير، والمسئول، ومن عادة الإنسان أنه يحب أن يلقي باللائمة على غيره؛ لكن الإسلام يقول لنا: لا.

ليس الأمر كذلك، بل إن هذه المسئوليات الخاصة ملقاة على عواتقنا جميعاً، فالأب -مثلاً- وكثير منكم آباء على عاتقه أمانة رعاية أولاده، وكما أن ولدك لو مرض في ساعة متأخرة من الليل، وارتفعت درجة الحرارة عنده، فلا بد أنك ستذهب به إلى الإسعاف، وتسهر الليل من أجله، ولو لم تجد له علاجاً في هذا البلد لذهبت به إلى بلد آخر، ولو استدعى الأمر أن تسافر به إلى بلاد الغرب أو الشرق للعلاج لفعلت، ولبذلت الغالي والنفيس، وهذا حق، لأن الرحمة وضعها الله في قلوب عباده، ولكن، يجب أن تكون عنايتك بأخلاق ولدك وسيرته وتدينه، أعظم من ذلك.

لكن كم هو مؤسف -أيها الإخوة- أن بعضكم وأقول بعضكم لأني لا أريد أن تظنوا أن الحديث يتناول أناساً غائبين عنا، فالحديث عنا وعن الغائبين، أن بعضكم قد يعتني بصحة ولده، ويلبسه أجمل الثياب، ويشتري له أجمل الأثاث، ويحمله على السيارة إلى المدرسة، ويطعمه من أحسن الطعام، ويحرص على راحته، لكنه لا يهتم بإصلاح دينه، ولا تربيته على الأخلاق الفاضلة، وإذا رأى من ولده اعوجاجاً أو انحرافاً فإنه يقول: يكبر ويعقل، ولا يدري هذا المسكين أنه قد لا يكبر، وأنه إن كبر فما أكثر الصوارف، وأن الإنسان إذا نشأ على شيء وشب عليه كبر عليه: وينشأ ناشئ الفتيان منا على ما كان عوده أبوه فمن الأمانة الملقاة عليك أيها الأب أن تربي ولدك تربية حسنة منذ طفولته، بل أقول: قبل طفولته، بل قبل ولادته، بل قبل وجوده! بأن تختار المرأة الصالحة، فهي المحضن المناسب لتربية الطفل، ثم بعد ولادته فلا يأكل إلا حلالاً، وامنعه من أن يسمع ما يسخط الله، أو يقول الكلام الفاحش البذيء، أو ينظر المناظر المحرمة، ورَبِّه على طاعة الله تعالى، وليست التربية هي الضرب والجلد، وإنما الضرب والجلد عند الحاجة إليه، والأصل في التربية أن تكون بالتعليم، والتفهيم، والقصص، والأخبار، والسلوك الحسن، والقدوة الحسنة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015