Q ما قولكم في بعض الناس، إذا نصحته عن شيء يخالف الشرع قال: إنما الأعمال بالنيات؟
صلى الله عليه وسلم نقول كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: {إنما الأعمال بالنيات} فأثبت عليه السلام أمرين: الأعمال والنيات، فكل عمل يعمله الإنسان لا بد له من نية، فلو عمل عملاً بدون نية، أو بنية سيئة، لكان عمله إما أن يكون لا شيء إن كان بغير نية، وإن كان بنية سيئة فهو وبال عليه، مهما كان هذا العمل، فلا بد من أعمال صالحة، ولا بد من نيات، ولذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث نفسه: {فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله} فمثل بالهجرة كمثال، يعني لا بد من الهجرة فالهجرة عمل، ومع الهجرة وهي عمل لا بد من نية، أن تكون هجرة الإنسان إلى الله ورسوله، وليست إلى الدنيا، ولا من أجل امرأة يتزوجها.
كذلك الصلاة {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُون * الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ} [الماعون:4-6] فالزكاة والصلاة والحج، هذه الأعمال المقصودة في الحديث، أما الأعمال السيئة فلا تحتاج إلى نية أصلاً، لأن العمل السيئ سيء بذاته، فالإنسان حين يفجر ويشرب الخمر، ويسرق المال، لا يحتاج إلى نية، هذا العمل أصلاً عمله باختياره فهو عمل سيئ، ولا شك إن عمله بقصد فهو آثم عليه حينئذ، وأما دعواه أن قلبه سليم وعمله سيئ، فهذا يناقض قول الرسول صلى الله عليه وسلم: {ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب} فقد أثبت عليه الصلاة والسلام أن صلاح القلب يعني صلاح الجسد كله، فإذا وجدت إنساناً جسده كله صالح، فأعماله صالحة، وأقواله صالحة، وعباداته صالحة، فاعلم أن قلبه صالح {إذا صلحت صلح الجسد كله} .
وبالعكس إذا وجدت إنساناً أخلاقه سيئة، وعباداته رديئة، وأقواله بذيئة، فاعلم أن قلبه فاسد، وكما قال عيسى بن مريم: من ثمارهم تعرفونهم.