أنواع أذى الكفار للدعاة والمصلحين

لما صرخ النبي صلى الله عليه وسلم وجهر بدعوته بين أظهر المشركين بمكة، ضاقوا به ذرعاً، وتآمروا به وكشف الله أبعاد تلك المؤامرة، فقال: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ} [الأنفال:30] فقد وضعت ثلاث خطط عرضت في ذلك المجلس: {لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال:30] وفي كثير من الأحيان يتصور الناس أن الوسائل والخطط التي تحاك ضد الإسلام وأهله أنها وليدة اليوم؛ لأنهم لا يقرؤون التاريخ ولا يقفون موقف المعتبر، فأنت تجد أن هذه الخطط هي بالذات ما يستخدم اليوم ضد الإسلام والمسلمين في كل مكان.

أما قوله سبحانه: (لِيُثْبِتُوكَ) فالمقصود بها فكرة الحصار، يسمونها في العصر الحاضر فرض الإقامة الجبرية، ومنع النبي صلى الله عليه وسلم من السفر من مكة ومغادرتها، والهجرة إلى أي مكان آخر في الدنيا ونشر دعوته، أو قد يقصدون بها السجن، وإيثاق النبي صلى الله عليه وسلم بالقيود والأغلال بحيث لا يستطيع أن يتحرك.

هذا معنى قوله: (لِيُثْبِتُوكَ) .

وأما القتل والتصفية الجسدية فأمرها واضح، وأما الإخراج فمعناه فكرة النفي، نفي الرسول صلى الله عليه وسلم من البلاد وطرده منها {لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال:30] هذا تفسير الآية كما جاء عن ابن عباس رضي الله عنه، فيما رواه عنه عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد وابن المنذر والطبراني والخطيب البغدادي وغيرهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015