صيام النبي صلى الله عليه وسلم لعاشوراء

وذلك {حين قدم المدينة فوجدهم يصومون عاشوراء، فسأل عن سبب صيامه فقيل: يوم نجى الله فيه موسى وقومه، وأهلك فرعون وقومه، فقال: نحن أحق بموسى منهم، فصامه وأمر بصيامه} .

حتى قال جماعة من أهل العلم: إنه كان واجباً، وثبت في صحيح مسلم من حديث الربيّع أنها قالت: {كنا نصوم عاشوراء ونُصَوِّم صبياننا، حتى يبكي أحدهم على الطعام فنعطيه اللعبةً من العهن يلعب بها حتى يكون عند الإفطار، وقد أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى القرى التي حول المدينة: من أصبح صائماً فليصم، ومن أصبح مفطراً فليتم بقية يومه فلما فرض رمضان كان يوم عاشوراء سنة من شاء صامه ومن شاء لم يصمه} .

وأول ما فرض رمضان كان على التخيير، إن شاء صام وإن شاء أطعم، ثم ألزم الناس بالصيام قال الله: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة:185] وصار الإطعام للشيخ الكبير والمريض، والمرضع والحامل إذا خافتا ومن في حكمهما، لكن كان الإنسان إذا أفطر في المغرب ثم نام العشاء -مثلاً- لا يجوز له أن يأكل، وفي صحيح البخاري أن رجلاً من الأنصار كان يعمل طيلة النهار في مزرعته، فلما جاء الليل قال لزوجته: هل عندك شيء؟ قالت: لا، لكن أذهب أبحث لك، فذهبت تبحث له عن طعام فلما جاءت وجدته نائماً، فقالت له: ياخيبةً لك! لأنه نام ومعنى ذلك أنه لا يجوز له بعد نومه أن يأكل شيئاً، وكان متعباً، فلما كان في النهار أغمي على هذا الرجل لشدة الجوع والتعب والإعياء، فنزلت الرخصة، وأذن الله تعالى للمسلمين أن يأكلوا ويشربوا حتى يتبين لهم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، واستقرت الشريعة على ذلك.

وكانت فريضة رمضان في السنة الثانية من الهجرة، وصام النبي صلى الله عليه وسلم تسع رمضانات، وكان عليه الصلاة والسلام يكثر من العبادة في رمضان، حتى إنه ربما واصل اليومين والثلاثة لا يأكل خلالهما تفرغاً للعبادة، فلما واصل أصحابه قال: {إني لست كهيئتكم إني أبيت يطعمني ربي ويسقين} وقد تكلم الإمام ابن القيم في زاد المعاد في أول الجزء الثاني عن هذا الحديث، وفصل وبين ما معنى قوله: "يطعمني ويسقيني" بما لا داعي لذكره هاهنا لضيق الوقت، والمقصود أن النبي صلى الله عليه وسلم واصل في رمضان ليتفرغ لعبادة ربه، وكان يكثر من قراءة القرآن، كما سبق أنه كان مع جبريل يدارسه القرآن.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015