الجهاد في سبيل الله

الجهاد في سبيل الله شريعة باتفاق المسلمين ولو قال شخص: إن الجهاد ليس مطلوباً أبداً ولا في حال من الأحوال، يكون بذلك كافراً، نبين له الحق؛ فإن أصر يكون كافراً.

فالجهاد شريعة ماضية بإجماع المسلمين، هذا أصل ليس فيه خلاف، لكن هناك استثناءً من هذا الأصل، ما هو الاستثناء؟ عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوماً من الأيام لأصحابه: {كيف بكم وبزمان يغربل الناس فيه غربلة، وتبقى حثالة من الناس} يغربل الناس غربلة: أي ينخلون نخلاً فيذهب الطيب ويبقى الخبيث، ويبقى حثالة من الناس، والحثالة: هي الوسخ الذي يكون في أسفل الإناء، بعدما يشربه الإنسان تبقى فيه حثالة {تبقى حثالة من الناس قد مرجت عهودهم وأماناتهم واختلفوا فصاروا هكذا، وشبك النبي صلى الله عليه وسلم بين أصابعه هكذا، فقال له عبد الله بن عمرو بن العاص: يا رسول الله! بم تأمرني حينئذٍ؟ قال: تأخذون ما تعرفون، وتذرون ما تنكرون، وتقبلون على أمر خاصتكم، وتذرون أمر عامتكم} والحديث صحيح رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة والحاكم وقال الحاكم: صحيح، وكذا صححه جماعة من أهل العلم كـ ابن حجر والعراقي والمنذري وغيرهم وسنده صحيح، أو سنده حسن وله طرق كثيرة فهو حديث صحيح.

المهم في هذا الحديث أن الرسول عليه السلام ذكر أنه إذا كانت الفتن واختلف الناس ومرجت عهودهم وأماناتهم وصاروا هكذا، أَقْبِلْ على أمر خاصتك، على نفسك وزوجتك وأولادك وقراباتك، واترك أمر العامة، هذا مثال، ومثال آخر في الباب نفسه حديث أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه، أن أبا أمية الشعباني قال لـ أبي ثعلبة الخشني: ماذا تقول في تفسير الآية؟ قال له أبو ثعلبة: أي آية؟ قال له: قول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة:105] قال له: لقد سألت عنها خبيراً، سألت عن هذه الآية رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي: {بل ائتمروا بالمعروف، وتناهو عن المنكر، حتى إذا رأيت شحاً مطاعاً، وهوىً متبعاً، ودنيا مؤثرة، وإعجاب كل ذي رأىٍ برأيه، فعليك بخاصة نفسك، ودع عنك أمر العوام، فإن من ورائكم أيام الصبر، الصبر فيهن مثل قبضٍ على الجمر، للصابر فيهن أجر خمسين يعملون مثل عمله، قالوا: يا رسول الله! منا أو منهم، قال: بل منكم} والحديث رواه الترمذي وصححه ورواه ابن ماجة والحاكم وصححه أيضاً ورواه البيهقي في شعب الإيمان وغيرهم، والحديث له شواهد يصح بها.

إذاً: في حديث عبد الله بن عمرو وأبي ثعلبة ذكر لنا النبي صلى الله عليه وسلم مجموعة صفات، إذا وجدت في شعب من الشعوب أو أمة من الأمم، ففي ذلك الوقت أي مؤمن صادق يسعه أن يترك الناس ويقبل على نفسه، لا تأمر بالمعروف ولا تنه عن المنكر، ولا تتعلم، ولا تجاهد، ولا ولا، لكن متى يحدث هذا؟ الحديثان ذكرا لنا مجموعة صفات أذكرها لكم باختصار:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015