ومن أهم أماكن الفتن التي تكثر الفتن فيها وتخرج الفتن منها، بلاد المشرق، وقد ثبت في هذا أحاديث من أشهرها وأصحها ما رواه البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول وهو مستقبل المشرق -جهة المشرق بالنسبة للمدينة المنورة- يقول: {ألا إن الفتنة هاهنا من حيث يطلع قرن الشيطان، ويشير النبي صلى الله عليه وسلم إلى جهة المشرق} والمقصود بالمشرق بادية العراق ونواحيها وما وراءها أيضاً، حتى إن بلاد فارس تدخل في ذلك؛ ولذلك كان المتقدمون يسمونها "عراق العجم" باعتبار أنها مرتبطة بها ومتصلة.
وقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم سمى تلك البلاد (نجد) بلاد المشرق، وهى بادية العراق وما حولها، سماها النبي صلى الله عليه وسلم (نجداً) وذلك لارتفاعها، والنجد هو: كل ما علا وارتفع، تقول: أنجد فلان -أي: ارتفع- وكذلك أتهم: أي دخل في تهامة، وهكذا، فالنجد هو: المرتفع، وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم بلاد العراق (نجد) ، كما في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما الذي رواه البخاري، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {اللهم بارك لنا في شامنا ويمننا، قالوا: وفي نجدنا يا رسول الله؟ قال: اللهم بارك لنا في شامنا ويمننا، قالوا: وفي نجدنا يا رسول الله؟ قال في الثانية أو في الثالثة: هناك الزلازل والفتن حيث يطلع قرن الشيطان} قال الإمام الخطابي رحمه الله: نجد من جهة المشرق، ومن كان بالمدينة نجدة بادية العراق ونواحيها فصرح الإمام الخطابي بأن المقصود بنجد: جهة المشرق، وهى بادية العراق ونواحيها.