في الواقع تعليق ختامي، أعود أولاً لأذكر قضية "ندامة الكسعي" وفيما ذكره الشيخ في موضوع الضغط واستخدام وسائل الضغط.
الدعاء: أمر تفوضه إلى الله عز وجل، تدعو الله، الأمر بيد الله يجيبك أو لا يجيبك، لكن الرسول صلى الله عله وسلم أمر العبد بأن يدعو، وأنه لن يخسر، إما أن يجيبه الله فيما أراد، وإما أن يصرف عنه من الشر مثله، وإما أن يدخره له ليوم الحساب وهو أحوج.
بالنسبة للضغط الجماهيري: لابد من ذلك في كل شيء، في كل عملٍ صالح، مثلاً: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، سواء أكان عن طريق الخطاب، أم الكتاب، أم الاتصال، أم الضغط الاجتماعي، وتحريك جمهور الأمة، ضد هذه المنكرات التي أصبحت تنتشر وتتسع، إما أن يزول المنكر، أو يخف المنكر، أو على الأقل تضمن ألاَّ يأتي منكر آخر بعده مباشرة، لأنه إذا كان هذا موقف الناس من هذا المنكر، معنى ذلك أنهم غير مهيئين الآن لتقبل منكرات أخرى، فقد يؤجل منكر آخر ولو بقي هذا المنكر، وهناك جانبان: الجانب الأول: فأنت لا تقل: "تكلمنا ولا تغير"؛ لأنه وإن لم يتغير، إلا أنه ربما انكفَّ شرُُ كان سيأتي، فلا تكن نظرتك قريبة سطحية دونية.
الجانب الثاني: قضية أن نكون عمليين كما أشرنا في البداية، وكما ذكر الشيخ محمد الآية: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} [النساء:77] .
هذه الآية التي أذكر أنني قرأت في سنن النسائي وسنده صحيح، عن ابن عباس رضي الله عنه أنها نزلت في بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في مكة، كانوا يقولون: لِمَ لا يَأمُرُناَ الله بالقتال، فلما أمروا إذا فريقُُ منهم يخشون الناس كخشية الله، أو أشد خشية، إذاً بعض الناس، يقول: لا يفيد، لا يفيد؛ لأن لديه نية، ولأنه يريد أن يغير هذه الأمور بالقوة، وهذا أمر غير متاح له، فلا يعمل شيئاً، وربما لو فتح مجال جهاد في سبيل الله عز وجل، لوجدت هذا الإنسان أول الناكصين والناكثين والمتأخرين، فالإنسان الذي يعمل القليل هو المهيأ ليعمل الكثير.
وفي ختام هذا المجلس: نعتذر إليكم من الإطالة والإملال، ونسأل الله عز وجل أن يكون هذا الكلام نافعاً، مُرضياً له، نافعاً لعباده: سامعهم ومتكلمهم، إنه على كل شيء قدير، وأن يغفر لنا خطأنا وزللنا وتقصيرنا، ويوفقنا للعلم النافع والعمل الصالح والتوبة النصوح، وأن يجعلنا أولياء للإسلام مجاهدين في سبيله، دعاة إليه، وأن يجعلنا شُجاً في حلوق أعداء الدين أياً كانوا، أن يغيظهم بنا كما قال عز وجل: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْأِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} [الفتح:29] .
أسأل الله أن يغيظ بنا الكفار، قولوا: آمين، أسأل الله أن يغيظ بنا الكفار، وأن يقر بنا جميعاً عيون المؤمنين والمسلمين في كل مكان، وأن يغفر لنا ويعيننا على أنفسنا، وأصلي وأسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.