جود النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان

وفي رمضان خاصة ينبغي الإكثار من الجود اقتداءً بالرسول صلى الله عليه وسلم، كما سبق في حديث ابن عباس: {كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان} وإنما كان جوده صلى الله عليه وسلم في رمضان خاصةً أكثر لثلاثة أسباب: السبب الأول: لمناسبة رمضان، فإنَّ رمضان شهر تضاعف فيه الحسنات، وترفع فيه الدرجات، فيتقرب فيه العبيد إلى مولاهم بكثرة الأعمال الصالحات.

السبب الثاني: كثرة قراءته صلى الله عليه وسلم للقرآن في رمضان، والقرآن فيه آيات كثيرة في الحث على الإنفاق في سبيل الله، والتقلل من الدنيا والزهد فيها والإقبال على الآخرة، فيكون في ذلك تحريك لقلب الإنسان لأن ينفق في سبيل الله، وحري بكل من يقرأ القرآن أن يكثر من الصدقة في سبيل الله.

السبب الثالث: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلقى جبريل -كما سبق- في كل ليلة، ولقاؤه لجبريل من باب مجالسة الصالحين، ومجالسة الصالحين تزيد في الإيمان وتحث على الطاعة، فلذلك كان صلى الله عليه وسلم يكثر من الصدقة في رمضان.

وأنواع جوده صلى الله عليه وسلم لا تنحصر، والكلام في جوده يبدأ ولا ينتهي، فهو أجود الناس على الإطلاق، يتفنن صلى الله عليه وسلم في أنواع الجود، ويعطي كل من سأله، لا يرد سائلاً إلا أن لا يجد، حتى إنه صلى الله عليه وسلم قد يسأله رجل ثوباً عليه فيدخل بيته ويخرج وقد خلع ثوبه وأعطاه إياه، وحتى إنه صلى الله عليه وسلم يعطي غنما بين جبلين، ويعطي عطاء من لا يخشى الفقر، وربما اشترى الشيء فأعطى ثمنه ورده على بائعه، وربما اشترى وأعطى الثمن وزاده، وربما استسلف شيئاً فرده بأكثر وأطيب وأكبر منه، وربما أهدى وتصدق، وأعطى، وربما قبل الهدية وأثاب عليها أكثر منها وأعظم وأوفر، وكان صلى الله عليه وسلم يفرح بأن يعطي أكثر مما يفرح الآخذ بما يأخذ، ففرحه صلى الله عليه وسلم بالعطاء أعظم من فرح الآخذ بالأخذ، حتى إنه ليصدق عليه وحده عليه الصلاة والسلام قول القائل: تراه إذا ما جئته متهللاً كأنك تعطيه الذي أنت سائله وكان يجود صلى الله عليه وسلم بنفسه وماله، ويصفح عمن ظلمه ويعطي من حرمه، ويعفو عمن أساء إليه، وله في ذلك شيء كثير يطول ذكره عليه الصلاة والسلام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015