إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وحبيبه وخليله وخيرته من خلقه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛؛؛ هذا هو الدرس السادس والخمسون من سلسلة الدروس العلمية العامة في هذه الليلة ليلة الاثنين 18/شوال/1412هـ، وقد اخترت أن يكون عنوان هذا المجلس "الله أكبر خربت خيبر"، وقياساً على ذلك نقول: الله أكبر سقطت كابل.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
بسم الله الرحمن الرحيم.
{إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً} [النصر:1-3] .
روى الإمام البخاري في صحيحه في كتاب الصلاة باب ما يذكر في الفخذ ومسلم أيضاً في صحيحه كتاب الجهاد باب غزوة خيبر عن أنس رضي الله عنه وأرضاه: {أن النبي صلى الله عليه وسلم غزا خيبر، قال أنس فصلينا عندها صلاة الغداة بغلس، فركب نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم، وركب أبو طلحة، وأنا رديف أبي طلحة، فأجرى نبي الله صلى الله عليه وسلم في زقاق خيبر، وإن ركبتي لتمس فخذ النبي صلى الله عليه وسلم، ثم حسر الإزار عن فخذه حتى إني لأنظر إلى بياض فخذ النبي صلى الله عليه وسلم} وهذا هو مأخذ الإمام البخاري رحمه الله في تبويبه على هذا الحديث، قال أنس رضي الله عنه وأرضاه: فلما دخل النبي صلى الله عليه وسلم القرية قال: {الله أكبر خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين قالها صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات، قال: وخرج القوم -أي: اليهود- إلى أعمالهم، فرأوا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فقالوا: محمد والخميس -والخميس هو: الجيش- قال رضي الله عنه وأرضاه: وأصمناها عنوةً} أي: أنهم أخذوها بالقوة والقتال، وقد كان قول النبي صلى الله عليه وسلم: {الله أكبر خربت خيبر} وهو على أبوابها، وعلى مشارفها، لأن ذلك كان إيذاناً بأن وعد الله تعالى بسقوطها وخرابها حقاً لا يتخلف، وأن الله تعالى يورثها أولئك المؤمنين الذين كانوا يستضعفون، فأورثهم الله تعالى مشارق الأرض ومغاربها التي بارك فيها.
فلا عجب -إذاً- أن نقول: الله أكبر سقطت كابل وإن لم تكن سقطت كلها بعد {إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين} نقول ذلك تفاؤلاً بسقوطها، وثقة بوعد الله تعالى الذي لا يتخلف؛ بل نقوله إعلاناً حقيقياً لسقوط كابل، فإن سقوط كابل يعني سقوط النظام الكافر الشيوعي الملحد الذي كان يحكمها، وقد تهاوى هذا النظام، وسقطت أركانه، وتباعدت أطرافه، وهربت رموزه ذات اليمين، وذات الشمال، فمنهم من انتحر كما فعل وزير الأمن، ومنهم من هرب يلوذ بالسفرات يبحث عن الأمن وهو رئيس ذلك النظام، ومنهم من اختفى، فلا يعلم أين هو، وهذا هو شأن الله وصنيعه في المكذبين والطغاة والمعاندين، وللظالمين والكافرين أمثالها، وهذا السقوط وإن سميناه سقوطاً إلا أنه في حقيقته ارتفاعٌ وشموخٌ، إنه طهارةٌ لكابل من رجس الطواغيت الذين طالما دنسوها، إنه ارتفاع إلى قمم المجد الجديد الذي نسأل الله جل وعلا بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يحققه للمسلمين في أفغانستان، وفي كل مكان بإذنه جل وعلا.
إنه سقوط الطفل في حجر أمه الحنون الرؤوم.