أحاديث موضوعة في عقوبات بعض النساء

وهناك ورقة انتشرت في أوساط النساء، ووزعت في المدارس وغيرها، وهي ورقة عريضة طويلة منسوبة إلى علي رضي الله عنه: أنه دخل هو وفاطمة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدوه يبكي.

فقال له علي: بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما يبكيك؟ فذكر له الرسول صلى الله عليه وسلم: أنه عرج به إلى السماء فرأى مشاهد للنساء، منها امرأة معلقة بلسانها، ومنها امرأة معلقة بشعرها، ومنها امرأة معلقة بثدييها، ومنها امرأة معلقة بعرقوبيها، ومنها ومنها وذكر مشاهد بشعة يشمئز منها القلب وتأباها النفس، ثم ذكر أن هذه الأشياء هي عقوبات لبعض ما تفعله النساء في الدنيا من الغيبة، أو النميمة، أو ما أشبه ذلك.

ومبالغة في توثيق هذا الحديث، كتب في هذه الورقة أن الحديث منقول عن بحار الأنوار، وهو كتاب من كتب الرافضة للمجلسي، يقع في نحو مائة وعشرة مجلدات، كلها كذب وافتراء على الرسول صلى الله عليه وسلم.

وكما ذكرت؛ يُستغرب أن ينتشر مثل هذا الحديث المنسوب إلى مثل هذا الكتاب الرافضي، بين أهل السنة والجماعة، وأن ينشروه ويتداولوه.

وأنتم جميعاً تتذكرون الحديث الذي انتشر عند الناس في عقوبة تارك صلاة الجماعة، وأنه يبتلي بأربع عشرة خصلة، وهذا الحديث مكذوب موضوع، ذكر ذلك الذهبي في ميزان الاعتدال، وابن حجر في لسان الميزان وغيرهم.

وكثير من الناس يتساهلون -كما رأيت- في نشر مثل هذه الأحاديث، ويقولون إن فيها ردعاً للناس عن هذه المعاصي.

فيا سبحان الله! أولاً: إن فيما صح من السنة، وفي تحذير القرآن الكريم من الخصال المذمومة غُنية وكفاية، فما بالنا ننشر الأحاديث الموضوعة من أجل التحذير من ذلك.

ثم إن في نشر مثل ذلك إثم أعظم -في كثير من الأحيان- من إثم هذه الخصلة المُحذر منها، فإن في نشر هذه الموضوعات إثماً عظيماً بالكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وترويج الكذب، والجرأة عليه صلى الله عليه وسلم، وإدخال شيء في الدين ليس منه.

ثم إن فيه تعويداً للناس ألا يرعووا عن هذه الأشياء؛ إلا بذكر هذا الوعيد الشديد.

وفيها -في كثير من الأحيان- تشجيع للمنحرفين والفُساق والزنادقة والكفرة، على الحط من قدر الدين؛ لأن هذه الأحاديث الموضوعة في غالب الأحيان -فيها وقاحة وقلة أدب وشناعة وبشاعة، تشمئز منها النفوس، وترفضها الفطرة السليمة، ويأباها العقل، فنشرها هو تشجيع للزنادقة والكفار؛ أن يحطوا من قدر الإسلام، وقدر الرسول صلى الله عليه وسلم.

وما انتشر بين الناس حديث ضعيف أو موضوع؛ إلا وجهلوا قدره من الأحاديث الصحيحة، كما قيل: ما انتشرت بين الناس بدعة إلا ورُفع مثلها من السُنة.

فالناس إذا انتشرت بينهم الأحاديث الموضوعة؛ جهلوا كثيراً من الأحاديث الصحيحة أو الحسنة بل إذا سمعوا حديثاً صحيحاً فيه نهي عن ذلك دون أن يكون فيه وعيد شديد؛ فإن نفوسهم لا تتحرك لمثل ذلك، إضافة إلى ما في هذا من الآثار السيئة الكثيرة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015