مكانة الجزيرة في تاريخ الإسلام

هذه الجزيرة لها مكانةٌ خاصة، ومنزلةٌ خاصة، وكما أن الله عز وجل أمر شرعاً ألا يجتمع في جزيرة العرب دينان كما جاء ذلك على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم، فقد قدر وقضى أن تكون هذه الجزيرة هي عاصمة الإسلام أول مرة، وفي آخر الزمان كما سمعتم في الحديث.

ولذلك فإن هذه الجزيرة اليوم هي آخر قلعة من القلاع التي ما زال للإسلام فيها بعض الأثر وبعض القوة، وما زالت المجتمعات في هذه البلاد بحمد الله تتمتع بشيء من التمسك بالدين، وشيءٍ من الحفاظ على الأخلاق الإسلامية، وما زالت المرأة المسلمة في هذه البلاد محجبةً في الجملة، محفوظةً مصونةً مكرمة، ممنوعةً عن الاختلاط بالرجال، أو عن ممارسة الأعمال التي لا تتناسب مع أنوثتها، وهذا ما يغيظ أعداء الإسلام من الشرق والغرب، فيحرصون على محاولة إخراج المرأة من بيتها، ومن مجتمعها الخاص لتعمل مع الرجل جنباً إلى جنب، ولتختلط مع الرجل، ولتمارس الأعمال التي يمارسها الرجل، ومع الأسف الشديد، فإن الذين يقومون بهذه الدعوات، ويطالبون بما يسمونه بحرية المرأة تقليداً لإخوانهم من اليهود والنصارى، الذين دعوا إلى هذه الدعوة التي غذاها الاستعمار في مصر ثم في سائر بلاد العالم الإسلامي؛ مع الأسف أن الذين يدعون إلى هذه الدعوة بين أظهرنا يحرص أعداء الإسلام على أن يكونوا من بني جلدتنا، وأن يتكلموا بلغتنا، حتى يكون تأثيرهم أبلغ، ووقعهم أقوى، وقد قال بعض المستشرقين: (إن شجرة الإسلام لا تجتث إلا بغصنٍ من غصونها) فيحاول الاستعمار، ويحاول أعداء الإسلام أن يوجدوا في المجتمعات الإسلامية، من ينادي بتحرير المرأة، هكذا يسمونه وإلا فهو في الواقع استعباد المرأة، وجعل المرأة مجرد متاع يتمتع به الرجل، جعل المرأة وسيلة للدعاية في الإعلانات، جعل المرأة وسيلة للترفيه عن الرجل في مكان العمل، جعل المرأة ألعوبة بيد الرجل، يعبث بها حتى إذا قضى منها حاجته، ألقى بها كما يلقي بنوى التمر غير آبهٍ بها.

فهي في الحقيقة استعبادٌ للمرأة وإن سموه تحرراً، هذه الدعوة التي يحاول أعداء الإسلام أن ينادي بها أبناءٌ من بني جلدتنا وممن يتكلمون بلغتنا، لابد أن نحصن أنفسنا، منها بأن نعطيهم الصورة الصحيحة، التي أراد الله بها تكريم المرأة، وهي الصورة التي كان عليها النبي صلى الله عليها وسلم، وأصحابه، وإذا كان النبي عليه الصلاة والسلام قد قال في حديث الفرقة الناجية وهو يبين من هي الفرقة الناجية: {من كان على ما أنا عليه اليوم وأصحابي} فإننا بحاجة إلى أن نعرف ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وما كان عليه أصحابه في شأن معاملة المرأة، وماذا كانت مكانة المرأة في حياته صلى الله عليه وسلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015