التفاهم والمواصلة بين الزوجين

أولاً: ما يسمونه بالتفاهم والمواصلة بين الزوجين، أي: أن يستطيع كل أحد منهما أن يحسن الاستماع والإنصات إلى الآخر، كما يحسن الحديث إليه، والتفاهم في كل أمر، التفاهم في معرفة ما عند الآخر من مشكلات، والتفاهم في معرفة هموم الطرف الآخر، والتفاهم في معرفة ماذا يريد، التفاهم في تعبير كل من الطرفين للآخر عن مشاعره تجاهه.

كما أن التفاهم يكون في قضية الطلبات، كيف تطلب المرأة من زوجها؟ وفي أي وقت تطلب؟ فكم من امرأة ألحت على زوجها وألحت حتى كان طلاقها بسبب هذا الإلحاح، والأول يقول: خذي العفو مني تستديمي مودتي ولا تنطقي في سورتي حين أغضب خذي ما جاء بسهولة ويسر، ولا تنطقي في ثورتي حين أغضب، أي: لا تأتي والرجل في شدة انفعاله وغضبه لسبب من الأسباب، فتقولي: أنت ما أتيت بحاجيات هذا اليوم، ولا اشتريت للأولاد ملابس، ولا فعلت ولا فعلت، فيزداد الرجل غضباً إلى غضبٍ، وقد ينطق بكلمة الطلاق في ساعة من ساعات الغضب والانفعال.

ولا تضربي بالدف وجهي مرة فيجفوك قلبي والقلوب تقلب فإني رأيت الحب في القلب والأذى إذا اجتمعا لم يلبث الحب يذهب حتى لو حظيت المرأة بحب زوجها وارتياحه إليها، إذا رأى الزوج منها الأذى، بالكلام والإلحاح أو كثرة الطلبات وعدم مراعاة ظروفه ومضايقته، فإن هذا مدعاة إلى أن يتقلب ويتغير قلبه عليها، كما أن قضية التفاهم والمواصلة تكون في موضوع الأولاد، فكثيراً ما تقع المشاكل بين الزوجين بسبب الأولاد، الأب -مثلاً- يريد أن يربي أولاده والأم تعترض، أو قد يكون الأب مهملاً والأم تطالبه بذلك، أو قد تختلف طريقة التربية بين الأبوين، فربما الأب يريد أن يؤدب الولد فتقف الأم في وجهه، وهو في ثورة الغضب والانفعال.

ولذلك فإن المرأة الحكيمة، إذا رأت الزوج غاضباً منفعلاً، حتى لو ضرب الولد ضرباً لا يضره ولا يترتب عليه آثاراً بدنية ضارة بالولد، فإنها لا تستجيب لعواطفها مع ولدها فتقف في وجه الوالد، فقد يكون الغضب ينزل بها هي بدلاً من أن يكون الغضب بالولد.

كما أن من قضية التواصل والتفاهم بين الزوجين موضوع التوجيه، فالزوج يريد أن يوجه زوجته كيف يوجهها؟ هل يوجهها عن طريق تهديدها بسيف الطلاق؟ افعلي وإلا، اذهبي وإلا، حافظي على كذا وإلا، كما هي معروف أي: إذا ما فعلتِ معناه الفراق هذا ليس أسلوب تربية، ولا شرع الله تعالى الطلاق ليكون سيفاً مسلطاً على رقبة المرأة.

إنما ينبغي أن يربي الزوج امرأته ويعلمها بمثل ما كان الرسول عليه الصلاة والسلام يفعل مع زوجاته وبناته، يخوفهم بأيام الله، يخوفهم بالله عز وجل، ويذكرهم بالله، ويقرأ عليهم القرآن، ويبين لهم الحلال، ويبين لهم الحرام، ويأتيهم بالأسلوب المناسب الحكيم.

كما أن الزوجة -أيضاً- أكثر حساسية إذا كانت ستوجه زوجها، فقد يكون الزوج -أحياناً- مبتلىً ببعض المعاصي والمنكرات، والزوجة قد منَّ الله عليها بالهداية، فماذا تصنع في التربية، في توجيه الزوج؟ هذه قضية فعلاً ومشكلة تحتاج إلى يقظة؛ لأن كون المرأة وهي بطبيعتها في موقف دون الرجل والله يقول: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء:34] هل تتخذ موقف التوجيه للرجل، إنه يجب عليك أن تتبع كذا وكذا، ويكون دائماً أسلوبها أسلوب التوجيه المباشر؟ هذا قد يثير في الرجل بعض صفات الأنفة والرجولة، التي تجعله يغتاظ من المرأة ولا يقبل منها، وقد ينفخ فيه الشيطان، فلا يقبل من المرأة شيئاً حتى لو كان ما تقوله حقاً.

ولهذا فالمرأة الحكيمة إذا أرادت أن تواصل زوجها بالتوجيه؛ تسلك الأسلوب المناسب، من اختيار الوقت اللائق الذي يكون الزوج فيه مرتاحاً هادئ النفس، فتعطيه كلمة توجيه، وإرشاد، أو كتاباً، أو شريطاً، أو نصيحةً، أو شيئاً من شأنه أن يدخل إلى قلب الرجل، ويتسلل إليه شيئاً فشيئاً، حتى يقبل منها وتستطيع أن تؤثر فيه.

إذاً: النصيحة الأولى هي: قضية التواصل والتفاهم بين الزوجين، وأن يجيد كل واحد منهما فن الاستماع إلى الآخر، وفن التحدث مع الآخر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015