إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه وذريته، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فهذه ليلة السبت، الرابع عشر من شهر رمضان لعام (1411 هـ) ، وقد تحدث إلي بعض الإخوة، وطلبوا أن يكون موضوع حديثي في هذه الليلة حديثاً في الرقائق وتليين القلوب، وإني أعتذر إليكم عن ذلك؛ لأن هذا الحديث إنما يجيده ويحسنه أصحاب القلوب الحية القريبة من الله عز وجل وليس كل أحد يحسن أن يحرك القلوب ويهيجها.
ثم طلب إلي إخوة آخرون في أوراق أو بالاتصال؛ أن أكمل حديث البارحة المتعلق بالمرأة أسئلة ومشكلات، فوافق هذا الطلب هوىً في نفسي، ولذلك أزمعت أن أكمل في هذه الليلة حديثي إليكم الليلة الماضية، وقد تحدثت البارحة عن جوانب من حياة المرأة، وفي هذه الليلة سوف أكمل جوانب أخرى أهمها موضوع الزواج.
والزواج سنة إلهية، كما قال الله عز وجل: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم:21] وقد جعل الله تعالى لرسله وأنبيائه أزواجاً وذرية.
قال بعضهم: خير هذه الأمة أكثرها نساءً، وهو النبي صلى الله عليه وسلم، والزوجان يكمل أحدهما الآخر، فمن تزوج فقد استكمل شطر دينه من الذكر والأنثى، وإن كان كما يقال: إن أجمل ما في الزواج هو الأماني والأحلام، أكثر من الواقع الذي يعيشه الإنسان بعد زواجه.
فعلى كل حال: لا يخلو هذا الأمر من جوانب وأمور تحتاج إلى الحديث عنها، لتحقيق السعادة بين الزوجين، وما أكثر ما يشتكي الناس من سوء العلاقات الزوجية، هذا السوء الذي قد يؤدي إلى الطلاق في كثير من الأحوال، وإن لم يؤدِ إلى الطلاق، فإنه يؤدي أحياناً إلى ما هو شر من الطلاق.
وقد تتبعتُ عدداً من الحالات التي يحصل فيها انحراف وفساد لأحد الزوجين، فوجدتها تحصل غالباً من رجل لم يوفق ولم يسعد في زواجه، فذهب يبحث عن اللذة والمتعة الحرام، أو امرأة لم توفق ولم تسعد في زواجها فذهبت مثله، وقد يظل الزوجان مرتبطين بحياة غير هنيئة وغير سعيدة، فيكون في ذلك من المتاعب الشيء الكثير، ولهذا لابد من التركيز على بعض النصائح، التي من شأنها أن تحقق السعادة الزوجية بقدر المستطاع، وباختصار أقول: إن من أهم هذه النصائح ما يلي: