كتاب جحا ونوادره وما فيه من الضلال

كتابٌ آخر معاصر، أحب أن أنهي الموضوع ثم أنتقل إلى الأسئلة، هناك كتاب موجود في المكتبات، وهو كتاب من كتب كثيرة، الكتب المعاصرة مئات، اخترت منها كتاباً واحداً، سلمني إياه بعض الشباب اسمه كتاب جحا ونوادره للدكتور فاروق سعد، مجلد واحد، مع الأسف مزود أيضاً بصور، وفيه مقدمة وهي دراسة عن جحا لا تعنينا، بعد ذلك فيه أشياء.

أولاً: قصص سخيفة المعنى ممجوجة، ليس فيها شيء حتى الضحك غير موجود فيها، يقول جحا: إذا مت فادفنوني قائماً قال الناس: لماذا؟ قال: من أجل إذا قام الناس أكون قائماً دون مشقة يوم القيامة، فهي باردة، لا دين ولا دنيا ليس لها أي معنى.

النوع الثاني: فيه قصص كثيرة فيها سخرية بالملائكة، مثل منكر ونكير إذا جاءوا للميت في قبره -سخرية بهم- يقول مثلاً: وقال: ادفنوني في مقبرة ميتة من أجل ماذا؟ من أجل أن يلبس على الملائكة يقول أنا ميت من زمان، وسبق أن اختبرت.

فهل يجوز أن يتصور الناس، أو الأطفال أو غيرهم بأن الملائكة بهذه الصورة؟ طبعاً لا شك أنه لا يحسب حساب لمثل هذه الأمور، أقصد الذي أخرج الكتاب، ونشره على الناس وروج له.

القسم الثالث: وهو سخرية بجناب الله جل وعلا، لا يليق أن أذكرها ولا شيئاً منها.

القسم الرابع: وهو سخرية مقصودة بالوعظ والوعاظ، حتى إنني وجدت أو ظننت؛ أن الرجل يختلق -هو المؤلف- بعض هذه النكت، وينسبها إلى هذا الرجل المشهور بهذا القصد؛ لأن فيها أشياءً غير مقبولة، أذكر مثلاً من ذلك: يقول: إن الرجل جحا مرض ولده وصار يبكي في الليل، فقالت زوجته: اذهب وهات رقية نعلقها على الولد، أي: حرز أو تميمة نعلقها عليه، فذهب وأتى بالكتاب الذي كان يقرأ فيه في المسجد، هكذا يقول، فقالت له: ما هذا؟! قال لها: اسكتي، هذا الكتاب الذي أقرأ فيه على الناس الأصحاء الكبار في المسجد فينامون، فعلى هذا الطفل لابد أن ينام.

أنا ألمس في هذه القصة أثر الصنعة وأنها مكذوبة، للنيل من الدعاة والعلماء الذين يحدثون الناس في المساجد ويعظونهم، وأن وعظهم يجلب النوم والسأم والملل للناس، وهذا أمر نعرفه عند المعاصرين أكثر من غيرهم.

إضافةً إلى أن في الكتاب تهاويل، وأكاذيب مزورة، تساق دون تعليق، من ذلك: أنه ساق قصة يقول: الواقع أن جحا موجود له قبور في أكثر من بلد، في مصر، وله قبر في تركيا، وفي بعض البلاد يزار قبره ويطاف حوله، وتعقد عنده عقود الزواج، من باب التبرك به، ولله في خلقه شئون!! بلغ بالمسلمين الحال من الضعف إلى أنهم صاروا يزورون جحا، ومعلوم أن الزيارة مشروعة للقبور، لكن الطواف بالقبور، والصلاة عندها، وقصدها بالدعاء هذا لا يجوز، بل هو مدعاة إلى الوقوع في الشرك، لكن المسلمين ما اقتصروا على هذا فقط، بل تعدوا حتى قبر جحا أصبح يزار.

يقول: إن حارس القبر بعد ما مات الرجل بمائتي سنة، رآه على حماره وعليه ثيابه المعتادة، وهو يقول للناس إذا لم يأتوني الآن يعني الذين يقيمون في المسجد، فسوف أصنع بهم وأصنع ويهددهم، قال: فجاء الحارس إلى جماعة المسجد، وقال لهم: بسرعة الحاج نصر الدين خواجه يستنجد بكم ويدعوكم، قال: فخرجوا كلهم وجاءوا إليه، فلما خرجوا لم يجدوا شيئاً فرجعوا، فوجدوا المسجد قد انهدم، قال: فهذه كرامة له.

كذب وتلفيق، وكلام ليس له رصيد من الواقع، وفيه تأثير على قلوب قرائه، ومن يسمعون مثل هذا الكلام كثير منهم مغفلون، سذج، جهلة، أطفال، ناس ليس لديهم معرفة بالشرع ولا بالدين، فتنطلي عليهم مثل هذه الأشياء.

هناك بعض الكتب خصصت أجزاءً منها لذكر بعض النكت والطرائف، وهي كثيرة جداً، ككتب الجاحظ مثلاً، أو بلوغ الأرب للنويري، أو المستطرف للأبشيهي، فيه باب خاص بهذا، أو نثر الدر للآبي، وهو شيعي فيتفطن له، وهذه الأشياء ينبغي للإنسان ألا يحرص عليها، لكن من كان عنده شيء من ذلك فليتفطن إلى ما فيها من المثالب والمعايب.

أما فيما يتعلق بالأسئلة فسأختار منها ما يتعلق بالموضوع، وأترك الباقي إلى الأسبوع القادم، مع بعض ما مضى من الأسئلة الموجودة عندي -إن شاء الله تعالى- سوف أبحث لها عن حل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015