ثالثاً: من فضائل شهر رمضان: أنه تغلق فيه أبواب النيران، وتفتح فيه أبواب الجنان، وتصفد فيه الشياطين ومردة الجن، كما جاء في الحديث المتفق عليه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {إذا جاء رمضان غلقت أبواب النيران وفتحت أبواب الجنة وصفدت الشياطين} وفي لفظ: {وسلسلت الشياطين} أي: جعلت في الأصفاد والسلاسل، بحيث لا يصلون إلى ما كانوا يصلون إليه في غيره.
ولذلك تجدون أن وسوسة الشيطان وكيده وتلبيسه على الناس في رمضان أقل منه في غيره، بل إن الشيطان يخاف من رمضان كما يخاف من الأذان والإقامة فيولي، ولهذا تلاحظون -أيضاً- أنه قبل أن يدخل رمضان يبدأ الناس العصاة يستعدون للتوبة، وكثيراً ما يسأل الناس فيقول أحدهم -مثلاً-: أنا عندي مظلمة وأريد أن أخرج منها، أو عندي مال حرام وأريد أن أتخلص منه، أو عندي أمور لا ترضي الله أريد أن أتوب منها.
يقولون هذا قبل رمضان، ومعنى ذلك أن الشيطان يخاف من قدوم رمضان فيضعف كيده وتأثيره، فما بالك إذا دخل رمضان، وسلسل الشيطان وصفد بالأغلال، فإنه لا يكاد يصل إلى الناس إلا في أقل القليل من الذنوب والآثام.
إلا أن هناك أناسٌ أصبحت نفوسهم شريرةٌ؛ بسبب تقبلها لوسوسة الشيطان، فحتى حين يضعف تأثير الشيطان عليها فإنه يكون فيها شرٌ بذاتها، ولذلك لا تعجب أن تجد والعياذ بالله من الناس من يكون انحرافه في رمضان، فقد وقفت على أقوامٍ كان انحرافهم في رمضان، بل وربما في ليلة القدر ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان، وربما اجتمع فيها أقوامٌ على لهو وشرب وغناء وزنا -عافانا الله وإياكم من ذلك- وهذا من مسخ القلوب وانسلاخها.
يقضى على المرء في أيام محنته حتى يرى حسناً ما ليس بالحسن