الإيجارة

الطريقة الثالثة: الإيجارة، والله تعالى يقول: {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} [القصص:26] وموسى عليه السلام عمل كما في هذه الآية، عمل مع ذلك الرجل في كفايته، وفي رعاية غنمه، كما هو معروف، وقد رواه وأخرجه البيهقي بسندٍ صحيح عن عمر قال: {كان موسى يعمل مع ذلك الرجل الصالح، في كفايته ورعاية غنمه} بل كل الأنبياء رعوا، كما قال النبي صلى الله عليه سلم، فيما رواه أبو هريرة: {ما بعث الله نبياً إلا رعى الغنم، قالوا: وأنت يا رسول الله! قال: نعم، كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة} والقراريط هي مبالغُ زهيدةً من المال، وقيل مكانٌ معروفٌ بمكة، كما ذكره إبراهيم الحربي، ولكن الراجح أن القراريط جمع قيراط، وهو مبلغٌ يسيرٌ من المال، والحديث في الصحيح فقد اشتغل النبي صلى الله عليه وسلم بل كل الأنبياء صلى الله عليهم جميعاً وسلَّم، بمأجرةِ أنفسِهم على الرعي، على مبلغٍ محدودٍ من المال، ومن الإجارة السمسرة، ولذلك البخاري -رحمه الله- قال: ولم ير ابن سيرين، وعطاء، وإبراهيم، والحسن بأجر السمساري بأساً، وقال ابن عباس رضي الله عنه: لا بأس أن يقول للرجل، بع هذا الثوب فما زاد على كذا وكذا فهو لك، يعني من قيمته، وقال ابن سيرين: إذا قال بعه بكذا، فما كان من ربحٍ فلك، أو بيني وبينك فلا بأس به، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: {المسلمون عند شروطهم} وذلك مثل أن يأخذ الإنسان من بياع الجملة شيئاً، ثم يبيعه لهم، ويروجه، ويصل به إلى أهله، فيحقق عدة مصالح، فيستغني بنفسه، وينفِّق هذه البضاعة ويروجها، ويختار الأجود والأفضل، وكذلك قد يترتب على ذلك استغناء كثير من الناس عن الدخول في الأسواق، وما فيها من الهيشات، والمشاكل، والمنكرات، وألوان الإجارة من ذلك كثير جداً.

ومثله أيضاً أن يقوم الإنسان بعملٍ نيابةً عن غيره، كقضاء ديونٍ، ومتابعة أصحابها، أو النيابة عن بعض النساء في الأعمال التي لا يتمكنَّ من القيام بها، أو الوكالة في وقفٍ أو غيره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015