إن اللسان نعمة من نعم الله تعالى، قال تعالى: {أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ} [البلد:9] .
وكان الجدير بالإنسان أن يستخدم لسانه في ذكر الله، أو دعائه، أو استغفاره، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والكلام الطيب، والنصيحة، وما أشبه ذلك، ولا حرج عليك أن تتكلم في المباح، فإن هذا من شأن الإنسان وطبيعته، فعلت وأكلت وشربت وذهبت وأتيت، وما أشبه ذلك من ألوان المباحات.
لكن أن يتحول الأمر إلى أن تستخدم نعمة الله تعالى في معصيته، في الغيبة، والوقوع في أعراض الناس، والتدخل في شئونهم، فلان فيه! وفلانة قالت! وفلانة فعلت! وما أشبه ذلك! وقول الزور، ونقل الكلام، والنميمة، والتحدث بين الناس ونقله على جهة الإفساد، وإشاعة الباطل والإثم والزور، وما أشبه ذلك.
فإن هذا من أعظم الذنوب والمعاصي خاصة وأنت صائم، فعليك أن تمسك عن ذلك كله.
وفي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن الغيبة: {ذكرك أخاك بما يكره قال: أرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته} .
وقد قال الله تعالى: {وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً} [الحجرات:12] وقال: {وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ * هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ * مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ * عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ} [القلم:10-13] وقال الشاعر: فاحفظ لسانك أيها الإنسان لا يلدغنك إنه ثعبان كم في المقابر من قتيل لسانه كانت تخاف لقاءه الشجعان وقد ورد في هذا الباب حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم {جيء بامرأتين غلبهما الصيام إليه، فقال لهما: قيئا، فقاءتا قيحاً ودماً عبيطاً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن هاتين المرأتين صامتا عما أحل الله، وأفطرتا على ما حرم الله} أي: الغيبة والنميمة، وهذا الحديث رواه أحمد والطيالسي وغيرهما، وهو حديث ضعيف لا يحتج به، وإن احتج به الإمام أبو محمد بن حزم وغيره رحمه الله تعالى.