وأكتفي هنا بضرب مثل واحد لكم، وهذا المثل حديث صحيح رواه الحاكم وغيره، في قصة أسامة بن زيد رضي الله عنه: {حينما ذهب حكيم بن حزام رضي الله عنه إلى السوق، فوجد حلة تباع -أي: ثوباً يباع- فقال: لمن هذا؟ قالوا: هذه حلة ذي يزن ملك من ملوك اليمن، فاشتراها بخمسين ديناراً، ثم جاء بها إلى حبيبه وصديقه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأهداها إليه، فلبسها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصعد المنبر بها، فما رؤي من ذي حلة أجمل من رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ، ثم خلعها صلى الله عليه وسلم -لأنه كان معرضاً عن الدنيا- وألبسها أسامة بن زيد حبه وابن حبه، فلبسها أسامة ومشى بها في السوق، فمر من عنده حكيم بن حزام قبل إسلامه، فتعجب وقال: أسامة بن زيد رجل كان أسمر دميم الخلقة، صغير السن، وأبوه كان مولى لرسول الله صلى الله عليه وسلم، كل هذا فيه، ومع ذلك يلبس حلة ذي يزن! فقال له أسامة بن زيد: نعم! والله لأنا خير من ذي يزن، وأمي خير من أمه، وأبي خير من أبيه} .
إذاً: أسامة الشاب الذي لم يبلغ الخامسة عشرة من عمره يشعر على قلة ذات يده أنه أعظم منزلة من ذي يزن ملك اليمن، لا لشيء، إلا لأن أسامة مسلم وهذا كافر، هذا هو الفارق بينهما، وهذا هو مصدر العزة بكل اختصار.