الهواجس في الصلاة

Q أحاول أن أطمئن في صلاتي، لكن تكثر على الهواجس أثناء الصلاة، بماذا تنصحني، فهذا شيء يؤلمني؟

صلى الله عليه وسلم أسباب الخشوع في الصلاة كثيرة منها: أولاً: تنقية القلب، لأن القلب الذي تصلين به إذا كان مشغولاً بالحياة، بأشياء كثيرة وهموم كبيرة، بدأت هذه الهموم تهجم عليك أثناء الصلاة، بل تجد الفرصة المناسبة وقت الصلاة فلابد أن تنقي القلب من الهموم، وتجعلي الهم هماً واحداً، ولذلك بعض الصالحين قد ينشغل في صلاته، لكن بماذا ينشغل؟! ينشغل بما هو خير، ينشغل بهم المسلمين، وهم الإسلام، وإنكار المنكر، والأمر بالمعروف، والتفكير في مشاكل الأمة، وهذا خير لا بأس به.

ولذلك عمر -رضى الله عنه- كان يقول: [[والله إني لأجهز الجيوش وأنا في الصلاة]] والرسول صلى الله عليه وسلم في يوم من الأيام صلى العصر، فلما سلم قام مسرعاً ودخل بيته حتى فزع الناس! فلما رجع قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: {ذكرت شيئاً من تبر كان عندنا} يعني: تذكر شيئاً من الذهب كان موجوداً في البيت، فقام وأمر بلالاً أن يفرقه في المحتاجين.

إذاً: كون الإنسان يفكر في صلاته أحيانا بهموم المسلمين، وأمور الأمة، ومشاكل الأمة، وأحزان الأمة، هذا قد يكون أحياناً أمراً طبيعياً، لكن المشكلة أن تفكر في صلاتك بأمور دنيوية، أو مشاكل عادية، وقضايا لا قيمة لها ولا أهمية! هذا غبن كبير وخسارة لا تعوض.

إذاً: أولاً: طهري قلبك، واملئي قلبك بهموم الإسلام بحب الله ورسوله بالإقبال على الله وعلى الدين؛ بحيث يكون هذا همك، وأنت في الصلاة، ولذلك لاحظ الفرق: الآن بعض المؤمنين يقول الرسول عليه الصلاة والسلام: {سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله -وذكر- رجل قلبه معلق بالمساجد} يعني: همه الصلاة، تجدين أنه يبيع ويشتري، وفكره في المسجد: وكذلك المرأة: قد تكون تدرس، تُعْلِّم، تتكلم، تشتغل في بيتها، وفي منزلها: ومع ذلك قلبها مشغول بقضايا الدين والآخرة، والخير، لماذا؟! لأن القلب قد أقبل، فحتى حين تشتغل الأبدان بالأمور الدنيوية يكون القلب مشغولاً بالأمور الأخروية.

والمصيبة أن كثيراً منا -الآن- على العكس من ذلك؛ حتى حين يشتغل البدن بالأمور الدينية مثل الصلاة، يكون القلب مشغولاً بالأمور الدنيوية مثل قضايا زوجية، أو قضايا منزلية، أو قضايا ملابس، أو أشياء، أو مشاكل لا علاقة لها بالدين، وليست من أمر الآخرة.

فالمطلوب هو العكس هذا أولاً.

الأمر الثاني: هو أن تعمل الأخت على إزالة كل الأسباب التي تصرفها عن الخشوع مثلاً: لا تصلي وهي في حالة انشغال، أو ارتباك تزيل المشاغل قبل أن تصلى، لا تصلى وفي قبلتها شيء يصرفها أو يلهيها لا تصلى وهي تسمع أصواتاً تزعجها وتلهيها عن صلاتها، ولذلك نهى الرسول عليه الصلاة السلام عن أن يصلى الإنسان -مثلاً- وهو بحضرة طعام؛ لأنه يكون مشتاقاً إلى الطعام فلا يقبل على الصلاة ولا وهو يدافعه الأخبثان -أي: يريد أن يقضي حاجته- لأنه حينئذ لا يقبل على الصلاة -أيضاً- كما يجب وكما هو مطلوب، ومثل ذلك إذا كان الإنسان بحضرة أناس يتحدثون، أو كان في قبلته أشياء تلهيه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم {اذهبوا بانبجانيتي هذه إلى أبي جهم فإنها ألهتني آنفا عن صلاتي} .

لكن ينبغي أن تعلمي: أنه لابد أن تقطعي شجرة الغفلة عن الله من قلبك يضرب بعض العلماء مثالاً يقول: لو كان هناك شجرة مغروسة، وهذه الشجرة فيها عصافير كثيرة جداً وطيور، ورجل تحت الشجرة نائم -فهذا رجل أراد أن ينام- لكن أصوات العصافير؛ وصياحها جعله لا يستطيع أن ينام، قام هذا الرجل، وأخذ حجراً وضرب به هذه العصافير فطارت وتفرقت في كل مكان، فرجع ووضع رأسه لينام؛ فلما بدأ النوم يداعب عينيه؛ بدأت العصافير ترجع، ترجع، ترجع حتى كثرت، ثم بدأت تصيح حتى لم يستطع أن ينام.

هذا بالضبط الذي نعمله نحن -أحياناً- في مدافعة الهواجس والوساوس ونحن نصلي شجرة الغفلة موجودة، فالشيطان يتسلل إلى قلوبنا، قد ندفع الشيطان، ثم يعود، ندفعه ثم يعود، لكن ولو قطعنا هذه الشجرة، لو أن هذا الرجل النائم قام وقطع هذه الشجرة؛ لأراح واستراح، ولما وجدت العصافير شيئاً تأوي إليه كذلك أنت! لو قطعت شجرة الغفلة عن الله، والانشغال بالدنيا من قلبك لم وجد الشيطان في قلبك مكاناً يأوي إليه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015