النزول إلى الميدان

ونريد منك ثانياً: النزول إلى الميدان، النزول إلى الساحة: لقد أصبحت الأدلة كافية الآن على أن هناك مخططاً مبيتاً لهذه البلاد، وللمرأة المسلمة في هذه البلاد؛ فماذا ننتظر يا أختي؟! أن نبتعد عن المجالات المهمة، مجالات التأثير ونتركها لغيرنا، أبداً! نريد منك أن تكوني: مدرسة، وموجهة، ومديرة، وإدارية، ودارسة، ومشاركة في كل مجالات العمل النسائي، التي تستطيعين أن تؤثري من خلالها.

إذاً: نريد للمرأة المتدينة، نريد للفتاة المسلمة حضوراً، ووجوداً حقيقياً، نريد المشاركة لماذا؟ لأنه ليس صحيحاً أبداً أن يكون دورنا هو الشكاوى والامتعاض وردود الفعل فإذا حصل في المكان الفلاني مشكلة، أو منكر؛ كتبنا برقية، كتبنا أخباراً، كتبنا كذا، بلغنا، لكن عجزنا؛ لأن المنكرات يمكن أن تكثر، وستكثر وتكثر، وهذا لا شك فيه؛ لأن من خطط العدو: أن يغرقنا بكم هائل من المنكرات، تمطر علينا من كل مكان، يظن بذلك أنه سوف يحبط جهودنا، ويجعلنا في حيرة من أمرنا؛ لأننا لا ندري بماذا نبدأ؟ ويكون أمرنا كما قيل: فلو كان سهماً واحداً لاتقيته ولكنه سهم وثان وثالث فهل صحيح يا أختي المؤمنة: أن يكون دورك ودورنا جميعاًُ فقط: أنه إذا حصل منكر ننكره وإذا حصلت مشكلة نعالجها، ونشتكي أنه في المكان الفلاني يوجد كذا، وفي المكان الفلاني يوجد كذا، وفي المدرسة الفلانية امرأة تنادي بنزع الحجاب، وفي الجامعة الفلانية امرأة تنادي بقيادة السيارة، وفي الموقع الفلاني امرأة تسعى إلى جر البنات إلى الرذيلة والفساد -مثلاً- هل صحيح أن يكون دورنا هو الشكاوي فقط؟! وإعلان رفضنا لمنكرات معينة؟! لا أبداً، ينبغي أن يكون دورنا إيجابياً وبناءً، يتمثل بأن ننزل إلى الميدان، فتنزلين للميدان، أعني: أن يكون عند الفتيات هم المشاركة في الحياة الاجتماعية النسائية؛ من خلال التدريس، ومن خلال التوجيه، ومن خلال الإدارة، ومن خلال الدعوة إلى الله عز وجل ومن خلال المشاركة في الأعمال الخيرية، وفي دورات تحفيظ القرآن الكريم مثلاً، ومحاضرات خاصة للنساء، ومشاركات واجتماعات للنساء، ونشاط في أوساط المرأة بكل صعيد، كنشر الكتاب، ونشر الشريط، والدعوة إلى الأعمال الخيرية، والتأثير في النساء، وإرسال النصائح عبر الهاتف، أو عبر الرسائل، أو عبر المحادثة الفردية.

المهم: نريد مجموعة كبيرة من الفتيات يكون هم الدعوة إلى الله عز وجل، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، هماً مسيطراً عليهن يقعدهن ويقيمهن، ولا يحول دونهن ودون هذا الهم شيء -فمثلاً-: لا يحول الزواج دون هذا الهم، فإننا نجد أن من الفتيات في مجتمعنا من تكون قبل الزواج شعلة متحركة من النشاط لله؛ لكن إذا تزوجت خمدت وانتهي دورها، وهذه مشكلة؛ لأن الزواج أمر طبيعي بالنسبة للمرأة، فهل كل من تزوجت قعدت عن العمل والمشاركة؟! لا.

نجد نماذج في المجتمع الآن، حتى بعد أن تزوجت، وأصبح لها أولاد، لا تزال تؤدي دورها على أكمل وجه، سواء من خلال موقعها الرسمي، كمدرسة في مدرسة مثلاً، أو معيدة، أو محاضرة في جامعة، أو دكتورة، أو حتى من خلال الأعمال الخيرية، كنشاط جمعيات البر، أو جمعيات تحفيظ القرآن الكريم، أو غيرها من المجالات، أم من خلال جهودها الشخصية، وصلاتها الشخصية بالنساء بالقريبات، وبالبعيدات، وبصديقاتها إلى غير ذلك من المجالات.

إذاً: نحن ننتظر منك -أيتها الأخت المؤمنة- أن تنزلي إلى الميدان وتمارسي دوراً فعالاً، ليس الدور الذي ينتظر حصول منكر حتى ينكره، أو حصول فساد حتى يغيره، كلا! بل الدور الذي يقوم ابتداءً بالدعوة إلى الله عز وجل، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والإصلاح، وتربية النساء على الخير، والإيمان، والفضيلة، وتحذيرهن من الفساد قبل أن يوجد الفساد، وقبل أن تصل إليهن أصوات المفسدين، هذا أمر نحتاجه بشكل كبير، وهو من أهم الأشياء التي تنتظرها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015