الأمر الآخر الذي يحتاجونه: الدعم الاقتصادي، أما على مستوى الدول، وسوق إسلامية مشتركة، وتبادل اقتصادي هذا أمل ومطلب، ولكن: لقد أسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي ولو ناراً نفخت بها أضاءت ولكن أنت تنفخ في رماد إنما أتكلم على المستوى الشعبي، قضية التبرعات، والحاجة إلى التبرعات من الزكاة ومن الصدقات عند إخواننا المسلمين هناك، أن يجعل الإنسان جزءاً من زكاته إلى المسلمين في الخارج، ويتبرع -أيضاً- لهؤلاء المسلمين أداء لبعض حق الله تعالى في المال، إقامة المؤسسات الخيرية، هل يكفي أن يوجد عندنا مؤسستان أو ثلاث مؤسسات تتبنى أحوال المسلمين؟! أقول: لا، ثم لا، بل إنني أقول: إن من المهم جداً، بل من الضروري أن يكون لكل مهتم بأمور المسلمين، وكل معني، وكل داعية كبير، وكل طالب علم كبير، أو خطيب: أن يكون له مكتب في بيته أو مسجده يربطه بالمسلمين في كل مكان تصله التقارير، تصله الوثائق، تصله الصور، تصله الحقائق، وبالمقابل يبعث هو بنفسه الكفاءات التي تتحقق من الأوضاع، وتتقصى الأخبار، وتطمئن على الأوضاع، وتعرف حقيقة ما يجري هنا وهناك، ومن مهامه أيضاً: أنه يجمع الأموال من أثرياء المسلمين، وتجارها وعامتهم من الزكاة والتبرعات، ويقوم بإيصالها إلى المستحقين هنا وهناك.
والأمر الرابع الذي لا غنى عنه: أنه يقوم ببعث الدعاة وتنظيم جولاتهم، على سبيل المثال سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، حفظه الله، وأمد في عمره على عمل صالح، هذا الرجل أمة وحده، دعك من عمله الرسمي: الذي هو رئاسة إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، له مكتب آخر في بيته، هذا المكتب يقوم بالإنفاق على آلاف الدعاة في أنحاء العالم، وصرف مرتبات شهرية لهم، ودعمهم بالمال وما يحتاجون إليه، وهذا ما يسمى بصندوق البيت -خاص بالشيخ- يقوم على نفقات المحسنين وتبرعاتهم وعطاياهم وهباتهم، وعلى الزكاة.
فلماذا لا يكون كل داعية أو طالب علم معتبر أو خطيب مشهور له جهد مصغر مماثل لجهد الشيخ؟! إذا كان الشيخ ينفق على آلاف الدعاة، فيكفيني منك أنت أيها الداعية الشهير أو الخطيب المعروف أن تنفق على عشرة دعاة في مكان ما من الأرض، أو تنفق على مركز إسلامي في مكان، أو تقوم بتتبع أوضاع المسلمين في إحدى الدول، فتكون قد كفيتنا إحدى هذه الثغرات، وكنت صلة الوصل بين المسلمين هنا والمسلمين هناك، عرَّفت المسلمين هنا ماذا يواجه إخوانهم هناك؟ ونقلت الإعانات والمعونات والخير من هنا إلى هناك.