أعتقد أنه يمكن أن يحصل تضليل أحياناً، وبعض ضعاف النفوس قد يستغلون هذه الأوضاع، وقد يأتي إنسان يتكلم عن أحوال المسلمين وعن حاجتهم ولا يوصلها، ولكنه يحتجزها لنفسه أو لمصلحته، لكن وإذا كان ذلك كذلك، هل هذا يحول بيني وبين الإنفاق؟! لا.
نحن لا نتحرك وفق أذواقنا، نحن نتحرك ضمن التعليم الذي جاء به النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ونرجع إلى التعليم النبوي، أليس ضمن التعليم النبوي: ما جاء في الحديث المتفق عليه -أيضاً- أن رجلاً غنياً خرج ليلة، وقال: {والله لأتصدقن الليلة، فأخذ مالاً فتصدق به، فلما أصبحوا، قالوا: تُصِدَقَ الليلة على غني، فقال: اللهم لك الحمد على غني؟! -يعني ما بلغت محلها في ظني- لأتصدقن الليلة، فخرج الليلة الثانية فتصدق، فأصبحوا يتحدثون،:ويقولون تُصِدِقَ الليلة على زانية، فقال: اللهم لك الحمد على زانية! لأتصدقن الليلة، فأصبح الليلة الثالثة فتصدق فأصبحوا يتحدثون: تُصِدْقَ الليلة على سارق، فقال: اللهم لك الحمد على سارق! فقيل له: إنها كُتِبَتْ صدقة متقبلة، أما الغني فلعله يعتبر فينفق، وأما الزانية فلعلها س تستعف عن زناها، وأما السارق فلعله يكف عن سرقته} هب أنك أخرجت صدقة لوجه الله تعالى تنويها للمسلمين في مكان في الدنيا، ولنفترض جدلاً أنها وقعت في يد إنسان مغرض وأخذها لنفسه، أنت تريد الأجر، والأجر حصل والزكاة خاصة، هي أمر أوجبه الله تعالى عليك، وفرضه الله تعالى عليك، فهي حق للمسلمين مطلوب منك أن تخرجها، وتبذل الوسع لإيصالها إلى مستحقيها، لكن ليس من حقك، أن تقول: لا أخرجها لأني أخشى أن تضيع، هب أنها ضاعت بعدما تبذل كافة الاحتياطات الممكنة، على غنى على زانية على سارق، قد كتبت في الصدقة المتقبلة إن شاء الله، هذا جانب.
الجانب الثاني: أن هناك كثيراً من طلبة العلم، والمشايخ، والدعاة، والجهات الإسلامية، التي تقوم بجهود كبيرة في دعم المسلمين وإغاثتهم وإيصال الخير والبر والمعروف إليهم، يمكن أن يستفاد من هؤلاء جميعاً، وأنت إذا سلمت مالك لرجل تثق به، وقلت له: أرجو أن لا توصله إلى أي إنسان إلا بعد التوثق من حاجته، ولا تعطه أي وسيط إلا بعد أن تطمئن من أمانته وصدقه، هذا ما تستطيعه، وقد قمت به قال تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:286] .