بلاد النفط الذي تفيض نفطاً وسمناً وعسلاً وذهباً، هذه البلاد هي أفقر بلاد الدنيا، فالعالم الرابع: يمثل البؤس والتخلف الجهل والمرض، فأقل مستوى لدخل الفرد في العالم يوجد في بلاد الإسلام.
انظر مثلاً: في بلاد بنجلاديش وماذا تعاني؟ لقمة العيش لا يستطيع أن يجدها المسلم، ومع ذلك يواجهون مشاكل في الفيضانات، وما ينزح إليهم من بلاد أخرى، وفي أمور كثيرة.
مما يعانيه المسلمون في أفريقيا، اللاجئون الإريتريون مثلاً، واللاجئون الصوماليون، واللاجئون في السودان، وفي كثير من بلاد العالم، وفي كينيا مستوى فقر لا يوجد في أي مكان آخر في الدنيا، ولا يشابهه إلا ما يعانيه المسلمون في البلاد التي كانت شيوعية، كألبانيا مثلاً، حيث لقمة العيش لا يجدونها.
المال الإسلامي، والخبرة، والعقول الإسلامية، التي جعلت العالم الإسلامي هو أغنى منطقة في العالم لا تعدو أن تكون الآن سوى زبدة لخبز الغرب، والتجاهل الإعلامي لقضايا المسلمين شيء كبير.
وأيضاً- أعطيكم نماذج مما جاءني خلال هذا الأسبوع لم أسع في تحصيله لكنه جاءني عفواً من بعض الإخوة، نماذج من بعض القصاصات من صحفنا التي تمثل بلاد الحرمين، الصحف التي يتوقع المسلم أنه إذا صرخ المسلم في مشرق الأرض ومغربها، ساعدناه وأغثنا لكنه فوجئ أن الأمر كما قيل: رب وامعتصماه انطلقت ملء أفواه الصبايا اليتم لامست أسماعهم لكنها لم تلامس نخوة المعتصم قصاصات من تلك الصحف، صحيفة تهتم بالشئون الرياضية، تكلمت عن فتاة من بوخارست، وقصتها أهم من أوضاع المسلمين في الاتحاد السوفيتي، هذا الخبر -معذرة على ما أسوقه من الأشياء التي تسوء مسامعكم في هذا المكان الطيب وفي هذا الشهر المبارك، نحن نريد أن نعرف واقعنا- فتاة جميلة انتحرت عن طريق تناول الحبوب المنومة، وجعلوها في المشرحة بعد أن ماتت، الحارس رأى تلك الفتاة فأعجب بها، فأراد أن يغتصبها، والعياذ بالله، ليفعل بها الفاحشة، فوجئ بأن هذه الفتاة استيقظت، وبدأت تدافع عن نفسها، ولكنه تغلب عليها وانتصر، وفعل بها فعلته، علم الأهل فأتوا، وأعطوا هذا الحارس جائزة، الذي كان سبباً في اكتشاف أن ابنتهم لم تمت، وأن التشخيص كان خطأً، القضاء حائر ماذا يصنع بهذه القضية، هل يعاقب الحارس أم يجازيه؟!! هذا هو الخبر الذي يهم جريدة رياضية من أوضاع المسلمين وأوضاع الناس في جمهوريات الاتحاد السوفيتي.
وصحيفة أخرى غير سياسية، صباحية تنشر مجموعة من الأخبار، -وما سوف أذكره لكم من عدد واحد أو عددين فقط- يهمها كثيراً: أن الرئيس الفرنسي قد اختير لرئاسة جمعية الحمير العالمية، وأحدهم ذكر سمى نفسه بالحمار الأكبر، وقال: إن الحمار هو أكثر الحيوانات صبراً وتضحية واستعداداً للبذل، ولذلك وصف نفسه بهذا الوصف، ومرة أخرى كتبت هذه الجريدة بخط واضح -مع الاعتذار- أن لبن الحمير مفيد لطفلك الصغير، وتكلمت عن الجرعات التي يمكن أن تعطيها الأم للطفل من هذا اللبن؛ حتى يستفيد منه صحياً وغذائياً، وقالوا: أنه أفضل من أي شيء آخر، هذا هو الذي يعنيهم ما يتعلق بأخبار الحمير.
أما الأمر الآخر الذي يعنيهم كثيراً، -وأقولها بكل مرارة وأسف- فهي أخبار الداعرات، وهل عرفتم صحيفة تصدر بلغة عربية وتمثل بلاد الحرمين الشريفين، ويكتب فيها أناس يحملون أسماءً إسلامية، كل همها الكلام عن موضوع الداعرات، من عدد واحد أنقل لكم: أيلونا، نجمة الخلاعة السابقة، تعلن نفسها لخوض الانتخابات، وقد كانت هذه المرأة طلقت من زوجها التي تأخذ عليه أنه كان شديد الغيرة، وأيلونا هذه نجمة للخلاعة -والخبر لا يزال لتلك الجريدة الصباحية- وفي غيابها حلت محلها نجمة أخرى على رأس حزب الحب، الذي يدعو إلى التحرر الجنسي، وإعادة فتح بيوت الرذيلة، لم تعلق الصحيفة على الخبر ولا بكلمة واحدة، بل نشرت خبراً آخر في نفس العدد، بل في نفس الصحيفة، خبراً عن نجمة من نجمات البلاي بوي وهي: شركة تعنى بقضايا الفساد الأخلاقي، والمجلات، والأفلام الخليعة وما يتعلق بها، هذا هو ما يهم هذا الإعلام الفاسد المهتري من أحوال وأوضاع، في الوقت الذي يذبح فيه المسلمون، وتراق دماؤهم ويموتون جوعاً وعطشاً وتملأ بهم السجون.
وأقول أيها الأحبة: هذا أحسن ما تنتظره من هؤلاء لماذا، لأنهم إذا تكلموا عن أحوال المسلمين فماذا يقولون؟! إذا تكلموا عن أحوال المسلمين، قلنا يا ليتكم كنتم مشغولين بالحمير، ويا ليتكم كنتم مشغولين بالكلام عن نجمات البلاي بوي، نجمات الخلاعة، عن الكلام في أوضاع المسلمين، لماذا؟! لأنهم إن تكلموا عن المسلمين وصفوهم بالأصوليين، والمتطرفين، والمتشددين، وأقبح النعوت، وكتبوا وقدموا التقارير التي تدينهم، وجندوا وحشدوا الكتاب الذين يعبرون عن رغبة هؤلاء الصحفيين، ورغبة من وراءهم من رجال الاستخبارات وغيرهم، في تشوية صورة المسلمين في بلاد المسلمين وغيرهم هذا على المستوى الإعلامي.
إذاً يعيش المسلمون غياباً كبيراً نحو إخوانهم المسلمين إعلامياً.