سمعتُ كثيراً من الشباب يتبرمون من ضعف الذاكرة، ويظن الواحد منهم أن الذاكرة القوية التي يتمتع بها غيره هي ذاكرة جبارة على الدوام، وأن هؤلاء الموصوفين بسرعة الحفظ يسمع الواحد منهم النص مرة ثم يحفظه أبداً، وهذا قد يوجد لكن الغالب أغلبية كبيرة أن الموصوفين بالحفظ، إنما يكون عندهم نوعُ تميزٍ بالحفظ نمى هذا التميز بكثرة المحفوظات، وبتكرار ما يريدون حفظه.
هل تظن أيها الشاب أن قراءتك -مثلاً- لكتاب ما مرة واحدة يكفي لتفهم ما في هذا الكتاب! أقول: من الخطأ أن تظن ذلك وكبار العلماء والأدباء وغيرهم يؤكدون أن الشيء لا يُحفظ أو يُضبط بمرة أو مرتين أو ثلاث.
كان العقاد الأديب المشهور يقول: " لأن أقرأ كتاباً واحداً ثلاثة مرات أحب إلي من أن أقرأ ثلاثة كتبٍ مرة واحدة " لأن تكرار قراءة الكتاب أو النص تُعين على ضبطه، أو حفظه، ولا بد أن تدرك أن من أهم وسائل الحفظ تكرار ما يراد حفظه، والتكرار يختلف، فبعضنا قد يحفظ من عشر مرات، وبعضنا قد يحفظ من عشرين، وبعضنا يحفظ من أكثر من ذلك، وكل إنسانٍ عليه أن يكرر الشيء الذي يريد أن يحفظه حتى يحفظه.