من الوسائل المعينة على الحفظ: السهر ولذلك من طريف ما يروون، أن أبا حنيفة رحمه الله سُئِلَ ما هو الشيء الذي يقوي الذاكرة؟ فبماذا أجاب أبو حنيفة؟ القدماء كان يشيع عندهم أقاويل قد لا تثبت للنقد الصحيح أنَّ -مثلاً- شُرب العسل، يقوي الذاكرة، وكذلك أكل ألوان معينة من الطعام، وأن ترك أشياء معينة من الطعام والشراب -أيضاً- يساعد على الحفظ، فيقولون: إن أكل التفاح -مثلاً- يضعف الذاكرة وكل هذه الأشياء تحتاج إلى دراسة طبية صحيحة، تثبت إن كانت هذه الأشياء حقيقية أم لا وقد تكون هذه الأمور نسبية، وقد يكون بعضها غير صحيح، فـ أبو حنيفة رحمه الله لما سُئِلَ ما الذي يقوي الذاكرة؟ أجاب بجواب طريف قال: الذي يقوي الذاكرة هو: البزر، والبزر هو نوع معين من النبات يستخرج منه الدهن، ويقصد أبو حنيفة رحمه الله هذا الدهن الذي توقد عليه السرج في الماضي، أي: الذي يقوي الذاكرة، هو السهر في طلب العلم، ولعله يقصد بهذا الجواب أمرين: أولاً: أن التكرار والتفرغ للقراءة يقوي الذاكرة.
ثانياً: ما أشرنا إليه قبل قليل أن استمرار الإنسان في الطلب يوسع من ذاكرته وعقليته كما أشار إلى ذلك الزهري، في كلمته السابقة.
إذاً: قوة الذاكرة، من الوسائل الموهوبة لتحصيل العلم.