وإذا كنت أقول هذا للأخوات المؤمنات؛ فإني أقوله لكم أنتم أيها الرجال، يا أصحاب الأموال، يا أصحاب الأرصدة في البنوك، يا أصحاب المرتبات، أقوله لكم: أنتم بالذات، يعرف الواحد منكم كيف يوفر المال، ونحن ندري أن الواحد منا يعطي طفله في المدرسة الابتدائية يومياً، خمسة ريالات -أي في الأسبوع ما يزيد على خمسة وثلاثين ريالاً- فإذا كان عندك أربعة أطفال، فإنك تعطيهم أسبوعياً مائة وخمسين ريالاً، هذا للمقصف المدرسي فقط، أما لملابس المدرسة والملابس الرياضية، والأحذية، والأدوات المدرسية، والحاجيات والترفيه والمناسبات والأعياد والأسفار، فهذا شيء كثير، فلماذا ما تأتي إلى الحسابات إلا إذا طالبناك بالصدقة والإنفاق والبذل؟! لا يا أخي، نحن لا نطالبك بمالك، لكن نطالبك بمال الله عز وجل، قال الله تعالى: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور:33] وقال تعالى: {وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ} [الحديد:7] نحن نعلم أنك تعبت أنت تعبت في جمعه وفي تحصيله، وبحمد الله هو من حلال ولله الحمد والمنة ولا نلومك على حبه فالله تعالى يقول: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} [العاديات:8] {وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً} [الفجر:20] لا نلومك على ذلك، لكن إنفاقك لهذا المال هو معيار صدقك وإخلاصك، ودليل إيمانك، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي مالك الأشعري وهو في صحيح مسلم {والصدقة برهان} إن إنفاقك للمال دليل على استعلائك عن الدنيا، وعلى حب المال، وعلى أن الإيمان بالله، والرجاء فيما عنده، والأمل في الدار الآخرة؛ أقوى في قلبك من محبة المال، وأقوى في قلبك من وسوسة الشيطان قال تعالى: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة:268] فأنفق يا أخي ولا تخش من ذي العرش إقلالاً.