نزول الدين موافقاً لخصائص البشر

وإذا كان الذي خلق الإنسان بهذه الخصائص هو الله عز وجل، وهو الذي أنزل الدين، وهو الذي أنزل الإسلام وغيره من الأديان السابقة، فمما لا شك فيه أن الله سبحانه وتعالى جعل هذا الدين موافقاً لخصائص البشر التي جبلهم عليها، وملبياً لحاجتهم، موافقاً فيما جبلوا عليه من نقص، أو كمال وأباح الله عز وجل للناس زينتهم التي أخرجها لعباده {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الأعراف:32] .

ونزل الدين ملبياً للرغبات البشرية بالطريقة المشروعة، شريطة أن يقف الناس عند الحلال ولا يتجاوزوه إلى الحرام، وقد وصف الله المؤمنين المستحقين للفردوس والخلود فيها بقوله: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون:1] إلى أن قال: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} [المؤمنون:5] لم تقف الآية عند هذا الحد بل استثنى الذي خلق الإنسان وهو اللطيف الخبير- لما يعلم من طبيعة الإنسان وجبلته فقال: {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المؤمنون:6] ثم قال (وانظر إلى هذا التعقيب) : {فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} [المؤمنون:6] أي: لا يلامون في هذا؛ لأنها جبلة خلقها الله عز وجل فيهم لحكمة، وأنزل الأديان لتنظيم هذه الغريزة وأن تأخذ طريقها المشروع، فلا تنحرف إلى الحرام، ولم ينزل الدين ليكبس هذه الغريزة ويمنعها، بل لينظمها بالطريق المشروع، وهو الزواج أو ما ملكت اليمين من الإماء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015