ثالثاً: الميل إلى إحدى الزوجتين، فوجهه إلى فلانة، وضحكه معها، ونكته إليها، وبصره إليها، إذا كانت الزوجتان في مجلس واحد، ولأولادها من العناية والرعاية وشراء الهدايا واللعب ما ليس للأخرى، وأنت تجده وَلَّاَجاً خَرَّاجَاً على فلانة في يومها وفي غير يومها، أما الأخرى فقد يهملها ولا يأتيها، وقد يتشاغل عنها، وقد يجعل المواعيد كلها في يومها حتى يتعلل بكافة العلل عن دخول المنزل، أو النظر إليها، أو الجلوس معها، أو مداعبتها أو مداعبة أولادها.
وربما مال بعضهم مع المرأة الجديدة وترك أولاده، لا يرعاهم ولا يربيهم ولا يشملهم ولا يضمهم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث المتفق عليه عن النعمان بن بشير {اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم} فكما تحب أن يكونوا لك في البر سواء، فينبغي أن تكون لهم في العناية والرعاية سواء، ومن أعظم أسباب الخصومات بين الأولاد والأحقاد، ألا يعدل الأب بينهم.
وربما يسافر الزوج بإحداهما ويترك الأخرى، وقد يجود على تلك بالمال ولا يعطي ضرتها، والله تعالى يقول كما في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم عن أبي ذر رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {قال الله تعالى: يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلت بينكم محرماً فلا تظالموا} ويقول النبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الذي رواه مسلم أيضاً عن جابر: {اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح؛ فإن الشح أهلك من كان قبلكم} .
عاقبة الظلم والظالمين: إن العالم يشهد مظالم شنيعة اليوم إهدار لكرامة شعوب بأكملها، خاصة الشعوب الإسلامية، وتسليط الأعداء عليها، وتسليط الحكام الجائرين الذين سلبوا خياراتها، ونهبوا ثرواتها، وأهدروا حقوقها، وأودعوها في السجون، وساموا شعوبهم سوء العذاب، وما يدريك أن يكون هذا الظلم العظيم الذي يلقاه المسلمون عقاباً من الله تعالى؟! فإن الله يعاقب الظالمين بالظالمين، قال الله تعالى ووعد، ووعده الحق، قال: {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الأنعام:129] ومعنى نولي: نجعلهم أولياء، فيجعل الله تعالى عقوبة الظالم أن يسلط عليه من هو أظلم منه.
وما من يد إلا يد الله فوقها وما ظالمٌ إلا سيبلى بأظلم وفي حديث أبي بكرة -رضي الله عنه- وهو حديث صحيح رواه الترمذي وأبو داود وأحمد في مسنده وغيرهم، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخره من العذاب في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم} .
ندم البغاة ولات ساعة مندم والبغي مرتع مبتغيه وخيم إن هذه المشكلات في ظلم المرأة، أو الإحجاف بحقها، أو الجور عليها أو بخسها، إنه لا تَحلُّه القوانين والأنظمة، ولا تحله المحاكم ذهاباً وإياباً، فالحيل كثيرة، وإمكانية المكايدة والتلاعب في الحياة الزوجية قائمة ولكن يُحلُّه التذكير بعقوبة الله عز وجل، قال الله تعالى: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ} [آل عمران:30] .
أيها الأحبة والله الذي لا إله غيره إنني أعلم اليوم أن كثيراً من البيوت تغلق على مظالم، ومفاسد، وجور، وإيذاء، وعسف، وعلى اضطهاد، فعلينا أن نتقي الله تعالى في من ولانا أمرهم.
وفي الحديث الذي رواه أحمد عن أبي أمامة رضي الله عنه، وهو حديث صحيح، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {ما من رجل يلي أمر عشرة فما فوق إلا أتى الله تعالى مغلولة يده إلى عنقه، فَكَّهُ بِرُّه، أو أوبقه إثمه} قد يكون مجموع أهلك عشرة أو أكثر، لكن لنفترض أنهم أقل، لنفترض أنه ليس لديك إلا زوجتان أو زوجة واحدة فقط، ففي حديث ابن عمر المتفق عليه: {كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته} وفي حديث أبي هريرة وهو حديث صحيح، رواه أحمد وأبو داود والنسائي والطيالسي وغيرهم، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {من كانت له امرأتان، فمال إلى إحداهما، جاء يوم القيامة وشقه مائل} .
أخي الكريم إن المرأة مخلوق له شخصيته، وله كرامته، وله عاطفته، له مطالب للجسد، ومطالب للروح، ومطالب للوجدان، فليس كل مراد المرأة فقط توفير الأكل والشرب واللباس والسكن، لا! هذا لا يكفي، ولا كل مرادها أيضاً اللقاء الجسدي في الفراش فحسب، هذا أيضاً لا يكفي، بل الأمر يتطلب أوسع من ذلك حسن الخلق الإمساك بمعروف حسن المعاشرة الصبر على أخطاء المرأة التسامح معها، بل ما يقدر الرجل عليه في ذ لك، وهو يقدر على الكثير والكثير.