أيها الإخوة: تعلمون أن شرع الله عز وجل لا يدرك بالعقول، ولذلك لم يَكِل الله الناس إلى أنفسهم في معرفة دينه وشرعه، بل أرسل إليهم الرسل وأنزل عليهم الكتب، حتى لا يكون على الله حجة بعد الرسل، وجاءت رسل الله تعالى بدينه وشرعه، فعلم بها أنه ليست كل أمور الدين والشرع تدرك بالعقل؛ بل إن أمور الدين مبناها في الأصل على اتباع ما أنزل إلينا من عند الله تعالى، وهناك مسائل كثيرة في أبواب الاعتقاد وفي أبواب العبادة وغيرها، لا تخضع للقياس؛ ولذلك نحن نجد أن الله تبارك وتعالى يفرق في خصال الكفارة، أحياناً تجد أن الكفارة يكون فيها اليوم مقابلاً بإطعام ثلاثة مساكين، وأحياناً يكون مقابلاً بإطعام مسكين، وأحياناً يكون بغير ذلك.
فمثلاً: في كفارة الظهار صيام اليوم الواحد مقابل لإطعام مسكين واحد؛ لأنها إطعام ستين مسكيناً أو صيام شهرين متتابعين -أي: ستين يوماً- لكن في كفارة اليمين مثلاً تجد أن من خصالها إطعام عشرة مساكين، كما في الآية، وفي آخرها: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ} [البقرة:196] فكان صيام اليوم يقابل إطعام ثلاثة مساكين وثلث، وفي كفارة من حلق رأسه في الحج وهو محرم كما في حديث كعب بن عجرة: {أنه أمره صلى الله عليه وسلم بإطعام ستة مساكين أو صيام ثلاثة أيام} فكان صيام اليوم مقابلاً لإطعام مسكينين، فعلم بذلك من هذا المثال أن هذه الأمور لا تخضع للقياس، وإنما تدرك بالوحي والشرع.