غلاء المهور

Q أنا شاب تقدمت إلى إحدى الأسر طالباً خطبة ابنتهم فاشترطوا أن يكون المهر خمسين ألف ريال، بالإضافة إلى قيمة هدايا للمخطوبة، فقد يكلف زواجي ما يقارب مائة وعشرة آلاف ريال سعودي، وأفيدكم بمقدرتي على دفع مثل هذا المبلغ، لكن سؤالي الذي يشغل بالي يتمثل في: هل مثل هذا المبلغ يدخل في باب التبذير المنهي عنه؟! مع العلم أن المخطوبة لن ينالها من مهرها سوى قيمة الذهب واللبس، والباقي يوزع هدايا لأقاربها بصريح كلام أبيها لي، وشرعاً المهر من حق العروس، وأفيدكم أنني لم أرد على ولي أمرها حتى الآن، فهل لكم أن توجهوني: هل أقبل أم لا أقبل مثل هذه الزيجة؟

صلى الله عليه وسلم هذه من المصائب في الواقع، مائة وعشرة آلاف ريال من أجل الزواج! هذا فضلاً عن البيت الذي سوف يؤثثه، وتكاليف السيارة، وأجرة البيت، ومشاكل أخرى كثيرة، وأنه حتى إذا كان هذا الإنسان يستطيع فبقية الشباب لا يستطيعون، والشاب مجبولة ومفطورة ومركوزة فيه هذه الغريزة، فكيف يستطيع وهو يرى الفتن والمغريات والشهوات تواجهه في البقالة والمتجر والطائرة والسيارة وفي السوق والبر والبحر وفي التلفاز والفيديو وفي كل مكان، كيف يستطيع أن يعف نفسه؟! وهو يرى هذه المغريات تدفعه دفعاً إلى الحرام من جهة، فيبحث عن طريق الحلال، فيجد هذه العقبات الكبيرة التي تتمثل في أمور عديدة، منها عشرات آلاف الريالات مهراً، فضلاً عن التكاليف الأخرى، ألا نخاف الله؟! ألا نتقي الله عز وجل؟! إن خير النساء وأفضلهن وأعظمهن بركة أيسرهن مئونة.

والمرأة: إذا تزوجها الإنسان بهذا المبلغ الضخم، فهذه أول بوادر الفشل، لأنه حينئذٍ يشعر بأنه تعب من أجل المرأة كثيراً، فكلما أساءت إليه، أو قصرت في حقه صار في قلبه شعور: امرأة دفعت من أجلها كل شيء، وأنفقت من أجلها هذا المال الكثير، وفي النهاية هذا كلامها لي؟! أهذا تقديرها لي؟! أهذا موقفها معي؟! فيظل قلبه يجمع ويجمع ويجمع، حتى في الأخير ربما طلقها، بل ربما طلقها بطريقة أخرى، لا يطلقها هكذا، بل يقول: لابد أن أسترد هذا المال، فيؤذيها ويضايقها ويضارها، من أجل أن يضغط على أهلها أن تطلب هي الطلاق، من أجل أن القاضي بحكمه يرد إليه المهر الذي دفعه إلى أهلها، ويكون بذلك خلعاً، لأنه كان بطلب من المرأة.

وكثير من المشاكل والحوادث التي حصلت هي بسبب مثل هذا الأمر، فينبغي أن نعتدل في أمر المهر، وأن نحرص على القصد فيه، ولا شك أن مثل هذا المبلغ فيه قدر من التبذير خاصةً وهو طلب من الأهل، كون الرجل دفع ما دفع هذا شيء، لكن كون الأهل يطلبون مبلغاً يصل في مجموعه إلى مائة وعشرة آلاف ريال مهراً لابنتهم، هذا كيف يكون؟! أما بالنسبة للأخ فكونه يقبل أو يرد هذه قضية شخصية، وينبغي أن يستشير من حوله، أو حتى لو اتصل بأحد، وشرح له ظروفه وأوضاعه، فهذا موضوع آخر، لكن المهم هو القضية العامة في مثل هذا الموضوع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015