ومن وسائل التربية: تصحيح الأخطاء حينما يقع فيها الولد أو تقع فيها البنت.
وليس تصحيح الأخطاء بالعصا وحدها, فليس بالعصا وحده يعلم الإنسان, ولكن تصحيح الأخطاء يكون أولاً بالكلمة الطيبة والتوجيه, فإذا أفادت وإلا تشتد عليه بالكلام، وتصحيح الأخطاء يمكن أن يكون بالحرمان، فتقول له: يا ولدي! أنت أخطأت اليوم، ولهذا لا أعطيك كذا, ولا أمنحك كذا, ويكون بالترغيب والترهيب: إن تركت كذا فلك عندي كذا.
ويجب أن ينتبه الأب إلى أنه في الوقت الذي يصحح فيه الأخطاء: لا ينبغي أن يجعل تصحيح الأخطاء سيفاً يحطم به الولد, إذا قلت: كيف؟ فأقول: أضرب لك هذا المثال وأسوق لك هذه القصة الواقعية: حيث أن هناك منزلاً جديداً وأثاثاً جديداً بذل فيه أحد الرجال جل ماله, وتعب فيه حتى أصبح بيته زهرة في نظافته وحسنه وجماله, ثم ذهب بالزوجة فرأت هذا البيت، فأصابها من الفرح والسرور الشيء الكثير, ثم انتقلوا إلى هذا المنزل, وذهب الرجل إلى دوامه صباحاً، وترك في المنزل زوجته وأطفاله, فقام أحد الأطفال ورأى هذه المناظر الجميلة, وبعبث الأطفال وشقاوة الأطفال وغرور الأطفال وجهل الأطفال أخذ السكين وبدأ يلعب بهذا الأثاث, فخرق كنباً هنا, وأفسد كرسياً هناك, حتى جاء الأب من عمله, فماذا رأى؟! وجد أن هؤلاء الأطفال عبثوا بأثاثه أيما عبث! فغضب من ذلك وأمسك بأكبرهم الذي تولى كبر هذا العمل, فربطه بيديه ورجليه بالحبال وأوثقه, فظل هذا الطفل يبكي ويبكي ويتوسل، ولكن دون جدوى, فإن الغضب أحياناً يعمي ويصم, وجاءت الأم تحاول أن تفك أسر ولدها، فقال لها أبوه: إن فعلت ذلك فأنت طالق، وظل هذا الطفل يبكي ويبكي حتى أعياه البكاء، فاستسلم إلى ما يشبه النوم العميق, وفجأة بدأ جسمه يتغير ويتحول إلى اللون الأزرق, فخاف الأب وفك أسر الطفل، ثم وجد أنه في غيبوبة, فحمله إلى المستشفى سريعاً, وبعد فحوص سريعة قرر الأطباء أنه لا بد من بتر أطراف يديه ورجليه, حيث إن الدم تسمم، وفي حالة وصول هذا الدم إلى القلب, فإنه قد يموت، وقرروا فعلاً عملية البتر ووقع عليها الأب, وهو يبكي ويصيح, وكانت المصيبة حينما خرج الطفل من هذه العملية، فكان ينظر إلى أبيه، ويقول: بابا بابا! أعطني يدي ورجلي, ولا أعود بعد ذلك مرة أخرى إلى مثل هذا العمل.
إنها عقوبة على المبالغة في العقاب والقسوة التي تجعل الكثير من الأطفال ليس لهم شخصية, لماذا؟ لأنه أصبح لا يستطيع أن يعمل شيئاً, فهو يخاف من أبيه أو يخاف من أمه, بل يجب أن تجعل للطفل شخصية، وإذا عاقبته يجب أن يكون عقابك في حدود العقل والمنطق والمصلحة, ولا تستسلم إلى دوافع الغضب ونوازعه.