احذر من أن ينساك الله كما نسيته

وأخيراً: فإني أخشى أن ينساك الله تعالى كما نسيته، وأن يخلي بينك وبين نفسك.

ونفسك ضعيفة أمارةٌ بالسوء، والشيطان أمامك ووراءك وبين يديك، وخلفك، قال: {ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} [الأعراف:17] ؛ ولكن بقي أمامك طريقٌ واحد وهو الفوق، فإن الشيطان ما قال: ومن فوقهم لأن فوقك الله رب العالمين، يقول: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر:60] وقال: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة:186] .

فيا أخي الكريم: اسمع داعي الله يقول لك: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [الحشر:18-19] نعم، لقد تراجع سيرك إلى الله تعالى والدار الآخرة، وانغمست في الدنيا، وغرقت في الشهوات، وضعت في لججها وبحورها، ولكني أرى فيك بقيةً من خير، وأثراً من حياء، فلعل الله أن يستدركك في ذلك فاشدد يديك بحبل الله معتصماً فإنه الركن إن خانتك أركان فاصدق الله تعالى، وامدد يديك إليه، وتمرغ وأنت ساجدٌ لوجهه، وهُلَّ دموع الخوف والندم، عسى الله تعالى أن يعيد قلبك حياً كما كان.

أيها الأخ الكريم: هذا ما عندي لك، وقد محضتك النصيحة، وإني -والله- أدعو الله تعالى في سجودي أن يرحمك برحمته، ويخرجك من هذه الورطات والهلكات، التي لا مخلص منها إلا بحول الله تعالى وتوفيقه، فأعن إخوانك على نفسك بكثرة السجود، وأسأل الله تعالى أن يتولاني وإياك.

ثم أيها الإخوة لعلكم تتساءلون: ما الذي يدعوني إلى أن أخاطب هذا الأخ؟ إنني لا أعرفه ولكنني أعرف أن من بينكم من يكون كذلك، فليتحسس كلٌّ واحدٍ منكم جاره، فلعله هو المخاطب، فإن لم يكن فلينظر بين ثوبيه فربما كان المخاطب بين ثوبيه.

اللهم اهدنا ولا تضلنا، اللهم اهدنا ولا تضلنا، اللهم اهدنا ولا تضلنا، اللهم أعنا ولا تعن علينا، اللهم انصرنا على من بغى علينا، اللهم اهدنا ويسر الهدى لنا، اللهم أصلح فساد قلوبنا، اللهم أصلح فساد قلوبنا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015