Q هذه أخت لا تأمر بالمعروف ولا تنهى عن المنكر، زاعمة أنها ليست على المستوى المطلوب، وأن عليها أن تنمي نفسها قبل كل شيء، فهل عملها صحيح أم أن الواجب العمل والدعوة ولو أدى إلى عدم الكثرة من طلب العلم؟
صلى الله عليه وسلم ليس من شروط التي تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر أن تكون عالمةً، بل يكفيها أن تكون عالمة بالمنكر نفسه، فإنه إذا لم تكوني متأكدة أن هذا منكر فقد تنكرين معروفاً؛ فإذا كنتِ عارفة أن هذا منكر -أيضاً- فحينئذ يجب أن تنكرينه.
وهناك منكرات متفق على أنها منكرات مثل الغيبة والنميمة، لأنه ليس هناك أحد لا يعرف أن هذه من المنكرات مثل ترك الصلاة، والسفور، أو التشبه بالكفار، فهذه منكرات متواترة وكل واحد يعرف أنها منكرات، حتى الأعرابي الذي يركض خلف أذناب الإبل يعرف أن هذه منكرات، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى أيضاً أقول -وأود أن تنتبهن لذلك-: ليس من شرط الآمر بالمعروف أن يكون فاعلاً لما يأمر به، ولا من شرط الناهي عن المنكر أن يكون تاركاً لما ينهى عنه، والأكمل أن يكون فاعلاً لما يأمر به وتاركاً لما ينهى عنه، لذلك الأنبياء يقولون كما قال شعيب عليه السلام: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} [هود:88] أي: أنا إذا أمرتكم بشيء فلا أتخلف عنه، وإذا نهيتكم عن شيء فأنا أول المنتهين، لكن لو فرض أن امرأة فعلت منكراً سراً ووجدت من يفعله، يجب عليها شرعاً أن تنكره وإن كانت تفعله، أي: وقعت في معصية فعل المنكر فإنه لا يجوز ولا يسوغ لها أن تقع في معصية أخرى وهي ترك المنكر وعدم الإنكار.
فالإنسان إذاً مطالب بأربعة أشياء: فعل المعروف والأمر به، وترك المنكر والنهي عنه فهذه أربعة أمور، وتقصيرك في أمر لا يسوغ لكِ أن تقصري في أمرٍ آخر، مثلاً لو تركتِ قيام الليل وهذا معروف، فطلب منكِ أن تلقي محاضرة عن قيام الليل، فتقولي: لا والله لا أتكلم، يقال لك لماذا؟ تقولي: أنا والله ما أقوم الليل، لا، تكلمي عن قيام الليل واذكري النصوص، ويمكن أن يكون الكلام سبباً في أن واحدة من المسلمات سمعت الكلام فقامت الليل، فيكون لكِ أجر قيامها، هذا من جهة، ومن جهة أخرى يمكن أنتِ حين تعودين توبخين نفسكِ وتقولين: كيف تأمرين الناس بالقيام ولا تفعلين أنتِ؟ فيكون هذا أمراً لكِ ولغيركِ.
فهذه النقطة يغلط فيها كثير من الجهلة، وهذه القضية ظاهرة ولو كان في المجال متسع لأفضت في الحديث عنها.