الاعتراف بالذنب

أيها الإخوة المؤمنون إن أول أسباب الإصلاح والتصحيح هو: الاعتراف بالذنب، ويوم أن تعترف الأمة بذنوبها تكون قد عرفت طريقها؛ لأن الله عز وجل قريب مجيب رحيم بعباده، إذا اعترفوا بذنوبهم ورفعوا له أكف الاستغفار فهو حري أن يغفر لهم! يكفيك أن تقول من قلب صادق: "أستغفر الله وأتوب إليه" وتجدد العزم على توبة نصوح ليقبلك الله في عباده الصالحين.

هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي بذل في سبيل الله عز وجل ما بذل، وأوذي في الله ما لم يؤذ أحد، وصبر وصابر، وقام الليل وصام النهار، وطرد من بلده في سبيل الله عز وجل، وجرح وجهه، وكسرت سنه، وأوذي وسخر به، وشج وجهه، ومع ذلك كله عبد الله تعالى بكل ما يستطيع، وكان يقوم الليل حتى تورمت قدماه عليه الصلاة والسلام.

ومع هذا كله كان عليه الصلاة والسلام يعلمنا دائماً أن نكثر من الاستغفار، وألا يدل الإنسان منا بعمل، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: {لن يدخل أحداً منكم الجنة عمله! قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟! قال: ولا أنا! إلا أن يتغمدني الله برحمته} .

هذا درس كبير ليس للأفراد فقط، بل للأفراد وللأمم كلها، إن الأمة وكذلك الفرد يجب أن لا يغتر بعمله، ولا يجوز له ذلك، مهما كان عمله؛ لأن الأمة والفرد إذا قال الواحد منهم: أنا كامل، ليس عندي أخطاء، ولا عندي عيوب، ولا عندي أغلاط، ولا عندي مخالفات، فمعنى ذلك أنه سوف يظل مصراً على ما هو عليه؛ لأنه قد أعجب وزين له سوء عمله فرآه حسناً، وهذه كبرى المصائب: يُقضى على المرء في أيام محنته حتى يرى حسناً ما ليس بالحسن كبرى المصائب أن الأمة أو الفرد ينحرف، ومع ذلك يعتقد أنه على الطريق المستقيم؛ فيصر على أنه ليس لديه أخطاء ولا عيوب ولا ذنوب، كيف يتوب من أمر يراه صواباً؟! يتوب من حسنات يظن أنه يقدمها؟! لا يتوب أبداً.

فلذلك أول خطوات الإصلاح على مستوى الأفراد والأمم أول خطوات الإصلاح: الاعتراف بالذنب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015