أخطاء الناس في نية الأذان

الحمد لله رب العالمين، وصلى وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

تعلمون بارك الله فيكم أنني ابتدأت في هذا المسجد درساً آخر كما كنا اتفقنا في أول الفصل السابق من أول العام الهجري وأن هذا الدرس هو درس علمي عام غير مخصص في موضوع معين؛ بل سيتناول موضوعات عدة، في جميع ألوان العلوم والفنون التي يحتاجها الناس، ولذلك فإن ذلك الوقت الذي بين الأذان والإقامة في درس بلوغ المرام، سوف أجعله غالباً للحديث عن بعض الأخطاء التي يقع فيها الناس، فيما يتعلق بالباب الذي أشرحه من كتاب بلوغ المرام، فإذا كنت الآن أشرح -مثلاً- باب الأذان من كتاب الصلاة، فسأجعل ما بعد الأذان للتنبيه على بعض الأخطاء والأغلاط التي يقع فيها الناس في شأن الأذان، مما لا يتسع المجال لبسطه في الدرس نفسه، لضيق الوقت وكثرة الأحاديث التي تحتاج إلى شرح وبيان وبسط وإيضاح.

فسأجعل هذا الوقت القصير بين الأذان والإقامة للحديث عن بعض الأخطاء التي يقع فيها الناس في أي باب من الأبواب التي تشرح من بلوغ المرام، وفي ذلك توفيق بين كون الدرس بين الأذان والإقامة ليس في صلب بلوغ المرام بحيث يفوت على الإخوة الذين يخرجون، وكذلك ليس بعيداً عنه بحيث أن الإخوة الذين يستفيدون فائدة تتعلق بالموضوع نفسه.

فيما يتعلق بالأذان هناك في الواقع في الأمصار الإسلامية من أقصاها إلى أقصاها بدع وانحرافات وأخطاء كثيرة تحتاج إلى بيان، وسأذكر شيئاً منها في هذه الجلسة، وأكمل ما تبقَّى في جلسات قادمة إن شاء الله تعالى.

وأول ما يتبادر إلى الذهن في موضوع الأذان وغيره موضوع النية في الأذان.

فإن الأذان عبادة بلا شك، بل هو من أجّل العبادات، قال الله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إلى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت:33] ذكر كثير من أهل التفسير أن هذه الآية نزلت في المؤذنين، وهذا ليس على ظاهره، إنما المعنى أن المؤذنيين داخلون في هذه الآية، فهم ممن دعا إلى الله؛ لأنهم يدعون إلى شعيرة من أعظم الشعائر وهي الصلاة، ينادون إليها في اليوم والليلة خمس مرات، فهم داخلون متى ما أخلصوا وصدقوا مع ربهم في دلالة هذه الآية مبشرون بما بشّر إليه تعالى به أهلها: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إلى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت:33] .

وورد في فضله أحاديث كثيرة سبق ذكر شي منها، وإنما يكون الفضل لمن أخلص في عمله، فإنه -كما هو معلوم- لابد في العمل الصالح من شرطين:- أولهما: الإخلاص في القلب في نيته وإرادته وجه الله تعالى والدار الآخرة.

والثاني: المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم بألا يزيد الإنسان وينقص على الهدي الذي كان عليه صلى الله عليه وسلم.

وبناءً عليه نستطيع أن نقول: إن أخطاء الناس في الأذان تنقسم إلى قسمين: القسم الأول: يتعلق بالشرط الأول من شروط صلاح العمل وهو الإخلاص.

والقسم الثاني: يتعلق بالشرط الثاني من شروط قبول العمل وهو المتابعة، فيخلون بمتابعة رسول الله صلى الله عليه وسلم في أذانهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015