إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونصلي ونسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أيها الإخوة! الموضوع الذي سنتدارسه في هذه الجلسة هو: عوامل تقوية الإيمان، والملاحظ أن هناك تساؤلات كثيراً ما تطرح من الشاب، سواء في دواخل نفوسهم أو يبوحون بها لغيرهم، هذه التساؤلات منها تساؤل حول شكوى كثير من الشباب، عن تردي مستوى إيمانهم، وأن الواحد منهم يشعر على رغم قدم عهده في طريق الهداية، وأنه فتح عينيه في بيئة إسلامية، وتلقى الإسلام منذ نعومة أظفاره، وقد يكون عاش في وسط شباب صالحين، ومضى على هذا سنين عديدة قد تزيد على العشر أو العشرين، ثم يلحظ هذا الشاب أن إيمانه ما زال على ما كان إن لم يكن يتناقص، ويشعر الشاب حينئذٍ بالخوف من هذا الضعف الذي يحس به في مستوى إيمانه.
وقد يبرز التساؤل في صورة أخرى، وهي أن بعض الشباب قد يكون قضى ردحاً من عمره في فترة ضياع وانحراف، ثم هداه الله إلى الطريق المستقيم، فيريد هذا الشاب فيما بقي من عمره أن يستدرك ما مضى، وأن يعوض عما فات، وهو قد يشعر في فترة بنوع من الإقبال في بداية طريقه، ثم قد يشعر بقدر غير قليل من تحول شعوره الإيماني إلى شعور عادي في غالب الأحوال، ويحس بشيء من الفتور بعاطفته الإسلامية.
وأحياناً يبرز التساؤل في صورة شعور كثير -إن لم أقل: كل المؤمنين- بأن إيمانهم في حالة تذبذب بين ارتفاع وانخفاض، ويشعر المؤمن بأن إيمانه ليس في تصاعد مستمر، بل هو أحياناً ينتعش ويشرق ويسمو، وأحياناً أخرى يشعر بشيء من الضعف والفتور! إلى تساؤلات كثيرة يطرحها الشباب حول هذا الموضوع.
ولعل في هذه الإشارات العابرة في هذا الموضوع لفتاً لبعض الإخوة إلى الوسائل المعينة على تقوية الإيمان، وإن كان موضوع تقوية الإيمان موضوعاً عملياً، وليس موضوعاً نظرياً، فالإنسان الذي يملك الإرادة القوية، والصدق في رفع مستوى إيمانه، لا يعجزه أن يعرف الوسيلة التي يتوصل بها إلى هذا المطلوب.
لكننا كثيراً ما نحب التحدث في بعض الموضوعات حين نشعر بضعفنا فيها، وكأن هذا الحديث نوع من العلاج النفسي لهذا الشعور، دون أن يكون عند الإنسان صدقٌ في التوجه نحو تحقيق إيمانه ورفع مستواه.