الولاية -أيها الأحبة- لله تبارك وتعالى وليست ميراثاً يأخذه الأبناء عن الآباء، فإننا نجد حتى من أبناء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من حقت عليهم كلمة العذاب، فهذا نوحٌ عليه الصلاة والسلام يرى ولده قد أدركه الغرق مع القوم الكافرين فيقول {رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ} [هود:45] قال الله تعالى {يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} [هود:46] وفي قراءة (إنه عمِلَ غير صالح) أي عمل عملاً ليس بصالح، فليست القضية قضية أبوةٍ أو بنوةٍ أو قربٍ أو نسبٍ أو ميراث، وهذا والد النبي صلى الله عليه وسلم {جاءه أعرابي فقال: يا رسول الله، أين أبي؟ قال له النبي صلى الله عليه وسلم: أبوك في النار، فلما ولى الرجل دعاه النبي عليه الصلاة والسلام، وقال له: إن أبي وأباك في النار} .
الولاية قضية واضحة صارمةٌ، لا التباس فيها {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ} [النساء:123] إبراهيم عليه الصلاة والسلام لما أعطاه الله تعالى الإمامة قال كما أخبر الله: {قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} [البقرة:124] ليست الولاية أن فلاناً هو ابن فلان، حتى ولو كان ابن لنبيٍ مصطفى مختاراً، وليس الولاية لأن فلاناً ولد في البلد الفلاني، فإن البقاع لا تقدس أحداً أبداً، وإنما يقدس الإنسان عمله.