من المؤسف جداً أن هذا القلق الذي يعيشه الناس، إنما يعالجه أطباء هم في كثير من الأحيان في أمس الحاجة إلى من يعالجهم أيضاً، لماذا؟ لأن القلق هو ثمرة من ثمرات عدم الإيمان بالله عز وجل، والبعد عن طريقه وهدايته وأنوار الوحي التي أنزلها الله تعالى على رسله وأنبيائه، فمن قال أن طبيباً نصرانياً أو ملحداً أو كافراً يفلح في علاج حالات القلق هذه؟! بل إن المريض يخرج من عنده وقد ازداد قلقاً وحيرةً وتردداً.
وقد بلغني أن من يسمون بالأطباء النفسانيين يدخل عليهم المريض أو تدخل عليهم المريضة، فيبدءون يحادثونهم في قضايا الدين، ويشككونهم في دينهم وفي عقائدهم وفي أخلاقهم وفي سلوكهم، حتى يخرج المريض وهو مصاب بمرض -فضلاً عن مرضه الأول- الشك.
فهؤلاء المرضى الذين يسمون بالأطباء هم بحاجة إلى من يعالجهم وكما قيل: يا أيها الرجل المعلم غيره هلا لنفسك كان ذا التعليم تصف الدواء لذي السقام وذي الضنا كيما يصح به وأنت سقيم ابدأ بنفسك فانهها عن غيها فإذا انتهت عنه فأنت حكيم كما أننا نجد كثيراً من الناس يذهبون إلى من يعالجونهم بقراءة القرآن والأدعية والأذكار والرقية الشرعية، وهذا لا شك علاج حسن متى كان مقتبساً من نور النبوة والسنة الصحيحة، فضلاً عن أعداد كثيرة من المرضى الذين يذهبون إلى المشعوذين والدجالين والمرتزقة، الذين يمدون أيديهم بالباطل إلى جيوب الناس بحجة العلاج، ويذهب أعداد كبيرة من الناس إلى من يدَّعون أنهم كهان، أو إلى من يدَّعون أنهم عرافون، يزعمون علم شيء من الغيب، وهؤلاء وأولئك كلهم همهم أن يأخذوا أموال الناس بالباطل، فهذه ميزة من ميزات هذا العصر.