أمانة تربية الأولاد

قد يكون الكثير منكم أيها الإخوة -والكثير منكن أيتها النساء- قد يأتي في رمضان إلى المسجد أحياناً ليعبد الله، لكن عنده أولاد كبار وصغار, ترك الحبل لهم على الغارب, يسرحون ويمرحون في الشوارع, ويتعرضون للمارة, ويلعبون فيما بينهم, ويختلطون بمن هم أكبر منهم سناً, وقد يتدربون على تعاطي المخدرات, وقد يتدربون على الفساد الأخلاقي, والانحلال واللواط, والجرائم وغيرها! وقد يتدربون على السرقة, وقد يتعرضون لحوادث اختطاف، أو إيذاء، أو اعتداء, أو غير ذلك! وهذا ليس من رعاية الأمانة, لأن الرسول عليه الصلاة والسلام يقول: {كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته} فيفترض أنك في رمضان تضاعف من اهتمامك بأولادك باعتبارهم أمانة! وحفظ الأبناء يتمثل في الآتي: - تعليمهم العبادة الحقيقية: ومن الاهتمام بهذه الأمانة أن تدربهم على العبادة الحقيقية, فتدربهم على الصيام مثلاً, لأن كثيراً من الأولاد والبنات يبلغون حوالي عشر أو إحدى عشرة سنة، وخاصة من الفتيات، تبلغ ولا تصوم, لماذا؟! لأنها تستحي أن تقول لأهلها إني قد حضت! وربما لا تعرف الأحكام, وبعض البنات قد تبلغ لتسع سنين, أو عشر سنين, أو إحدى عشرة سنة, أو اثنتا عشرة سنة, وأهلها ينظرون إليها على أن هذه طفلة, لا يراقبونها, ولا يراعونها, ولا يعرفون أحوالها, وكثير من هؤلاء الفتيات بعدما تبلغ سن العشرين والثلاثين, تتصل وتسأل، وتقول: أنا يوم كنت صغيرة بلغت وما صمت سنتين أو ثلاث سنوات, والأهل لا يدرون, وهي لا تعرف الحكم, أو ما أشبه ذلك, أو تكتم الأمر عن أهلها أحياناً! وحتى من لم يبلغوا الحلم ينبغي أن يعودوا على الصيام، سواءً أكان ابن عشر, أم إحدى عشرة, أم اثنتا عشرة, فإنه يعود على الصيام حتى إذا لم يبلغ الحلم، ولو بعض الأيام, وفي صحيح مسلم من حديث الرُّبيع بنت معوذ: {أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر الناس بالصيام في يوم عاشوراء, قالت: فكنا نصوم ونُصَوِّمُ صبياننا} حتى إن الصبي إذا صاح محتاجاً إلى الطعام والشراب، يعطونه اللعبة من العهن وهي لعبة مصنوعة من صوف, أو من قطن, ويجعلونه يلعب بها ويتلهى بها، حتى يأتي موعد الإفطار, هذا في يوم عاشوراء, فما بالك بشهر رمضان؟! ويعود الصبي الصلاة، فتأخذه معك إلى المسجد, وتعلمه آداب دخول المسجد, وآداب الصلاة, وآداب الخروج, وآداب القراءة, أما أن تأتي وتترك أولادك وبناتك، لا تدري ماذا يحدث لهم، فهذا خطأ كبير.

- عدم تركهم لوحدهم: ومما يلتحق بهذا بل هو أشد منه خطورة أن كثيراً من الآباء يسافرون إلى العمرة، خاصة في العشر الأواخر من رمضان, والعمرة لا شك فيها فضل عظيم، ويكفي في فضلها أن الله تعالى أمر بها فقال: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة:196] وقال النبي صلى الله عليه وسلم للأنصارية: {إذا كان رمضان فاعتمري، فإن عمرة في رمضان تعدل حجة معي} والحديث في صحيح البخاري ومسلم , وهذا فضل عظيم أن تكون كأنك حججت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم, وشهدت معه المشاهد, ووقفت معه بـ عرفة, وصليت وراءه، هذا فضل عظيم, لكن هل يصح أن يذهب الأب مثلاً بأسرته إلى مكة، وعنده بنات بالغات, مراهقات, ربما غير مؤدبات, ولا مُعلَّمات, ولا واعيات, ولا مدركات, فيذهب هو، وربما يعتكف في الحرم, ويترك الحبل على الغارب لهؤلاء البنات في الأسواق؟! في البيع والشراء, ومعاكسة الشباب, والتسكع حتى في داخل الحرم! كم تؤذي كثير من النساء الصالحين والمعتمرين بمظهرها، وشكلها وسفورها وتبرجها، وروائحها إلى غير ذلك! إنني أذكر أن بعض الشباب من الصالحين, بل ومن المتزوجين، رأيتهم وقد رجعوا من الحرم إلى بلادهم, وشفاههم يابسة, ووجوههم مكفهرة, ونفوسهم حزينة, وكأنني أعرف ماذا يريدون أن يقولوا! يريدون أن يقولوا: أتينا إلى هذا المكان, أتينا إلى بيت الله الحرام نريد سعادة النفس, والقرب من الله تعالى, والعبادة الصالحة, فإذا بنا نفاجأ أن بعض النساء اللاتي لا خوف عندهن من الخالق, ولا رقابة عليهن من المخلوق, قد لوثن هذا الجو، وهذه البيئة! فأصبح الإنسان يجد مناظر مثيرة ومؤثرة, فما بالك بالشباب غير المتزوجين؟! هل هذا من الأمانة التي كلفت برعايتها؟! وهل يتناسب مع كرامة شهر رمضان أن تتوجه أنت للعبادة وتترك من وراءك! هذا غير صحيح.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015