شر الأقسام

أما القسم الرابع: وهو شر الأقسام، فهم الذين لا صبر لديهم ولا تقوى، لا يتقون إذا قدروا، ولا يصبرون إذا ابتلوا، بل هم كما قال الله تعالى: {إِنَّ الْأِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً * إِلَّا الْمُصَلِّينَ} [المعارج:19-22] فهؤلاء تجدهم من أظلم الناس وأجبرهم وأكثرهم طغياناً وظلماً إذا ملكوا وقدروا، ومن أذل الناس وأجزعهم إذا قهروا وغلبوا:- ملكنا فكان الصفح مِنَّا سجية فلما ملكتم سال بالدم أبطح ولا عجباً هذا التغاير بيننا فكل إناء بالذي فيه ينضح فهؤلاء القوم إذا قهرتهم ذلوا لك ونافقوك، وقدموا لك جميل الكلام ومعسول القول، أما إذا غلبوا فإنهم يكونون أظلم الناس وأقساهم قلباً وأبعدهم عن الرحمة واللين والعدل والإنصاف وأقلهم إحساناً وعفواً، كما جرب ذلك المسلمون على كل من كان أبعد من الإيمان، سواء من الكفار المعلنين كالتتر الذين قاتلهم المسلمون ووجدوا منهم الأذى العظيم، أو الصليبيين النصارى، أو اليهود، أو من بعض المنافقين المنتسبين إلى الدين المتظاهرين بلباس المسلمين وزهادهم، وحقائقهم خلاف ذلك، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: {إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم وإنما ينظر إلى قلوبكم وإلى أعمالكم} .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015