Q هل يصح أن يحكم على الفرق غير أهل السنة والجماعة بأنها كافرة؟ نسمع أن بعض العلماء كالحافظ ابن حجر والنووي وغيرهم أشعري العقيدة فهل هذا صحيح؟
صلى الله عليه وسلم أما فيما يتعلق في السؤال الأول فالرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي سبقت الإشارة إليه قال: وستفترق هذه الأمة، وقال في آخر الحديث: {كلها في النار إلا واحدة} فذهب بعض المصنفين إلى أن هذه الفرق كافرة؛ لأنه صلى الله عليه وسلم حكم عليها بالنار، ولكن الصحيح أنه لا يحكم على هذه الفرق بالكفر، بل هي فرق داخلة في الجملة في المسلمين.
ولذلك جعلها واعتبرها النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الأمة، حتى قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: إن من حكم على جميع الفرق الثنتين والسبعين بأنها كافرة فقد خالف إجماع الأئمة الأربعة، بل إجماع الصحابة والتابعين وغيرهم، ولكن لا يمنع هذا أن نتصور أن بعض الفرق الثنتين والسبعين غلت في انحرافها حتى كفرت في الجملة، ولا يعني هذا بالضرورة تكفير أفرادها بأعيانهم؟ فقد يكون فيهم من لا يفقه عقيدتهم ولا يعرف انحرافهم.
أما فيما يتعلق في الحديث عن الأشخاص كـ ابن حجر أو ابن تيمية أو غيرهم من العلماء، فهناك قضية مهمة جداً يجب أن ينتبه لها الدعاة إلى الله عز وجل وطلاب العلم، وهي أن الحكم بالبدعة أو بالكفر إنما هو على الجملة، ولسنا مطالبين بأن نحكم على الأفراد، فننزل الناس منازلهم في الجنة أو النار، في الهدى أو في الضلال، إلا أن يكون ثمة إنسان داعية إلى ضلال أو داعية إلى بدعة ومعروف بذلك، فيبين ما وقع في ذلك من بدعة أو ضلالة ليحذر منها الناس.
أما الاشتغال بتصنيف العلماء، وأن فلاناً أشعري، وفلان ليس بأشعري، فلا أرى له ضرورة إلا في الأمور الواضحة؛ وذلك لأن كثيراً من العلماء قد يكون لديه موقف واحد أو رأي واحد حكم العلماء بأنه قد خالف مذهب أهل السنة والجماعة، أو موقفان أو عشرة، لكن ليس هذا بناء على منهج يعتبر مخالفاً لمنهج أهل السنة والجماعة، فهل يستطيع أن يقول أحد: إن الحافظ ابن حجر رحمه الله المعروف تعظيمه للكتاب والسنة ووقوفه عند النصوص أنه ملتزم بمذهب الأشاعرة مثلاً.
الظاهر من تتبع أقواله في الفتح وغيرها أن الجواب بالنفي، وإن كان يوافق الأشاعرة في بعض جوانب الاعتقاد، لكنه يوافق أهل السنة في جوانب أخرى وفي أصول كثيرة كنبذ علم الكلام وتقديم النصوص وما أشبه ذلك، وهكذا الحال في كثير من أهل العلم، فينبغي أن ننتبه لذلك وألا نعتقد أننا ملزمون بأن نضع كل عالم من العلماء أن نحشره ضمن قائمة من القوائم، قد نقول: إن هذا العالم لا يمكن تصنيفه؛ لأنه في مجال الاعتقاد غالب ما لديه على مذهب أهل السنة، لكن لديه أشياء انتقدها عليه أهل العلم، وقد يكون دافعه فيها الاجتهاد، والله عز وجل يغفر لنا ولهم أجمعين.