Q ذكرت قوله عليه الصلاة والسلام {بدأ الإسلام غريباً} ألا يدل هذا الحديث على عودة الإسلام، وتمسك الناس به، وعلى انتشاره مرة أخرى، كما تدل عليه عبارة (كما بدأ) ، ومعلومٌ أنه بدأ أول مرة قليلاً، قليلاً، حتى عم أصقاع المعمورة؟
صلى الله عليه وسلم هذا ليس بلازم؛ لأنه قال: {وسيعود} والظاهرأن قوله: {وسيعود} يدل على أنها عودة لا قيام للإسلام بعدها؛ ولكن إذا كان ذلك هو معنى الحديث فيكون في الحديث، إشارة إلى الغربة الأخيرة التي تكون بعد قبض أرواح المؤمنين، وهناك ألوان أخرى من الغربة تقع قبل ذلك، ويكتب للإسلام بعدها عزٌ ونصرٌ وتمكين.
إذاً: نستطيع أن نقول: إن الغربة نوعان: النوع الأول: الغربة الأخيرة المستحكمة التي لا قيام للإسلام بعدها وهذه لا تكون إلا في آخر الزمان قبيل قيام الساعة، ومع الأشراط الكبرى، وبعد قبض أرواح المؤمنين.
أما النوع الثاني: الغربة النسبية: التي توجد في بلد دون بلد، فقد تكون غربة للإسلام في هذا البلد، وهو عزيز في بلد آخر -كما نراه اليوم واضحاً جلياً- وقد تكون في زمان دون زمان فتكون الأمة في زمن -مثلاً- قوية عزيزة منيعة ممكنة، ثم يمر عليها بعد ذلك زمان غربة، ثم زمان تمكين، ثم زمان غربة، وهكذا