ثم بعد ذلك إذا رأى الشيطان الإنسان مؤمناً بالله ولم يكفر، هل يتركه في المعركة؟ لا, بل يسلك معه معركة غير هذه المعركة, وهي معركة البدع التي يعملها الإنسان.
والبدع التي يعملها الإنسان للشيطان غرض ونصيب منها، سواء كانت بدعاً في الأقوال, أم بدعاً في الأعمال, والعالم الإسلامي اليوم مصاب بهذا الداء، وهو داء البدع، سواء ما يتعلق بتغيير حكم الله سبحانه وتعالى, أو ما يتعلق بالاعتقاد وهذا من الأقوال, أو ما يتعلق بالرسوم والعبادات والمظاهر التي يتعبد الإنسان بها ربه سبحانه وتعالى, وتسمى هذه بدعة الأفعال.
أيها الأحبة: الشيطان يفرح ويستبشر إذا رأى الإنسان يعمل البدعة, بل يزداد فرحه إذا رأى الإنسان يعمل ويدعو لهذه البدعة, كما يحصل لأناس جعلوا أنفسهم في هذا المضمار، يقول ابن القيم رحمه الله: إن بدع الأعمال وبدع الأقوال حصل بينهما عرس، فلم يفاجأ العريسان -أي: بدعة الأفعال وبدعة الأقوال- إلا وولد الزنى بينهما، فرجعت الخليقة المسلمة تجأر إلى الله سبحانه وتعالى بالبعد عن ولد الزنى المولود.
أتدرون ما هو ولد الزنى؟ الذي تولد من بدعة الأقوال وبدعة الأعمال؟ ولد الزنا هي هذه الأعمال التي يستحسنها الإنسان, ويجعلها صالحة وهي غير صالحة، لماذا؟ لأنها كانت تخالف الأعمال الصالحة, وتخالف النهج الذي شرعه الله سبحانه وتعالى.