فأولاً: خلق هذا الإنسان على الفطرة السليمة المستقيمة, كما في حديث أبي هريرة، أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: {ما من مولود يولد إلا على الفطرة, حتى يبين عنه لسانه, فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه أو يشركانه} إذاً: الإنسان خلق أولاً على الفطرة, وعلى الخير , ثم إن الله عز وجل جعل لهذا الإنسان من الآيات والدلائل، ما يرشده إلى الله تبارك وتعالى, وإلى الحق؛ الآيات في النفس والآيات في الكون وفي كل شيء، قال تعالى: {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ * وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} [الذاريات:21-23] .
وهذه الآيات المبثوثة في النفس الإنسانية وفي الكون, لا يتأملها إنسان إلا آمن بالله عز وجل، حتى إن المشرك أو الكافر الذي لم يبلغه دين سماوي ولم يعلم ببعثة الرسل، إذا تأمل في هذه الآيات آمن بوجود خالق مبدع حكيم سبحانه, فضلاً عن المسلم الذي علم ببعثة الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام, ومع أن الإنسان خلق على الفطرة, وبث الله حوله من الآيات ما يدل عليه, ومع هذا وذاك فإن الله عز وجل بعث الرسل مبشرين ومنذرين, ليقيموا الحجة على الناس, ومع هؤلاء الرسل من الوسائل التي تساعد الإنسان على الهداية الشيء الكثير.
معهم أنهم يدعوننا إلى الله الذي خلقنا ورزقنا, وهو الذي نرجع إليه في نهاية أمرنا, ومعهم أنهم يذكروننا بوجود الموت الذي لابد أن يلاقينا طال الزمن أم قصر, وأنهم يخبروننا بالجنة والنار، وما يتبعهما من جزاء وحساب وعقاب وثواب وغير ذلك, وهذه الأشياء هي وسائل قوية جداً في دعوة الإنسان إلى الخير, أقوى بكثير من وسائل الشر المبثوثة بين الناس اليوم, لو عمل الناس على تفهم هذه الأشياء ونشرها وإلقاء أسماعهم لها.