أهمية جزيرة العرب

الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد: أيها المسلمون والمسلمات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

إخواني: إن هذه الجزيرة المباركة التي اختصها الله تبارك وتعالى واختارها، تتعرض -منذ فجر الإسلام وإلى قيام الساعة- إلى شتى الحملات، والمؤامرات من أعداء الإسلام، على اختلاف مشاربهم ومللهم ونحلهم، ما بين مؤامرات وحروب عسكرية طالما أقضَّت مضاجع المؤمنين، وما بين حروب وحملات فكرية تحاول أن تجتاح الإسلام في هذا البلد المبارك، وأهل الإسلام وجيران بيت الله عز وجل في هذه البلاد؛ هم في حاجة إلى من يذكرهم دائماً وأبداً بالميزة الكبرى التي جعلها الله لهذا البلد والواجب العظيم الملقى على عواتقهم.

أيها الإخوة والأخوات إن الله عز وجل يخلق ما يشاء ويختار، ويصطفي من الملائكة رسلاً ومن الناس، وكذلك يختار سبحانه من البقاع ما يشاء، وقد اختار الله هذه الجزيرة لتكون مكاناً للحرم الذي جعل الله أفئدة من الناس تهوي إليه، وجعله مثابة للناس وأمنا، ولتكون مكاناً للرسالات السماوية، أو لعدد من الرسالات السماوية السابقة، ولتكون مهبطاً لوحيه على نبيه صلى الله عليه وسلم.

وهذه كلها أشياء قدرية عرفها الناس كلهم، فلو تأملت؛ لوجدت أن الله عز وجل بعث هوداً عليه الصلاة والسلام في عاد في بلاد الأحقاف، وجعل إسماعيل في مكة نشأةً وحياة ووفاةً، وجعل عدداً من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يأتون إلى هذه الجزيرة، ويأوون إليها بعد أن يجدوا الاضطهاد في بلاد أخرى.

فهذا إبراهيم عليه الصلاة والسلام يأوي إلى هذه الجزيرة ويودع فيها ابنه وزوجه كما حكى الله عنه: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ} [إبراهيم:37] وهذا موسى عليه السلام يأتي إلى مدين كما حكى الله عز وجل في كتابه، ومدين -على رأي بعضهم- تعتبر داخل حدود الجزيرة العربية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015