البحث عن صحة الحديث

السؤال يقول: ناقشت أخاً لي في مسألة صحة الأحاديث، فروى حديثاً عن الرسول صلى الله عليه وسلم, فقلت له: ما صحة هذا الحديث، فغضب مني لأنني أردت معرفة صحة الحديث؟

صلى الله عليه وسلم نعم هذا يقع مع الأسف حتى من بعض طلبة العلم, إذا قلت له: ما مدى صحة هذا الحديث؟! تمعر وجهه وغضب وتضايق من ذلك! وهذا خطأ، بل ينبغي أن تفرح إذا سألك سائل عن صحة الحديث, وكان هذا دأب الصحابة رضي الله عنهم, فأنت الآن في القرن الرابع عشر فلا غرابة أن يسأل؛ لأنه قد وجدت أحاديث كثيرة موضوعة على الرسول صلى الله عليه وسلم, ووجدت أحاديث كثيرة ضعيفة, فلا غرابة أن يسأل إنسان ما مدى صحة الحديث, لكن في عهد الصحابة رضي الله عنهم وهم حديثو عهد برسول الله صلى الله عليه وسلم, ولم يكن هناك أسانيد طويلة ولا رجال مجهولون ولا، ولا , ومع ذلك كان الصحابي إذا سمع حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل ما مدى صحته, روى أصحاب السنن وأحمد بسند صحيح عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: [[كنت إذا حدثني أحد حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم استحلفته، فإن حلف لي صَدَّقته]] أي: يقول له: احلف أنك سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم, فإذا حلف صدقه, قال علي رضي الله عنه: وقد حدثني أبو بكر وصدق أبو بكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {ما من عبدٍ يذنب ذنباً ثم يتوضأ فيقوم ويصلي ركعتين ويقول: اللهم إني أذنبت فاغفر لي إلا غفر له} إذاً كان علي رضي الله عنه يستحلف من حدثه من الصحابة, وفي مقدمة صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنه أنه كان في حضرة جماعة من التابعين، فكان فيهم رجل اسمه بشير بن كعب يقول: [[قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم]] فلقيه ابن عباس لقاه جانبه وأعرض عنه, فقال له: مالك يا ابن عباس؟! أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعرض عني, فقال ابن عباس رضي الله عنه: إنا كنا زماناً إذا سمعنا رجلاً يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ابتدرته أبصارنا وأشرأبت إليه أعناقنا]] , كنا إذا سمعنا رجلاً يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فرحنا، وأبدينا رغبتنا في سماع ما يريد أن يقول, لأننا ما كنا نسمع إلا الصحيح, قال ابن عباس: [[فلما ركب الناس الصعب والذلول لم نأخذ إلا ما نعلم]] أي حين بدأ الناس يروون أحاديث صحيحة, وأحاديث ضعيفة, وأحاديث لا تصح, أصبحنا لا نأخذ كل ما نسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم, لا نأخذ إلا ما صح وثبت لدينا صحته بالإسناد المتصل.

إذاً لا حرج أن يستثبت الإنسان من صحة الحديث, لكن أنبه إلى أمر, أحياناً يأتيني بعض الشباب فيقول: ما حكم كذا وكذا؟ فأذكر له الحكم, ثم يقول لي: ما هو الدليل؟ فأقول: الدليل حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه كذا وكذا , فيقول لي: هل هو صحيح؟! أقول له: نعم هو صحيح, بعد هذا أنا أرى أنه عند هذا الحد يجب أن يقف؛ ما دام قلت له: أنه صحيح, يجب أن يقف, فإذا شك يبحث في الكتب للزيادة, وبعضهم يسترسل معك يقول: إذا قلت له صحيح, قال: من صححه؟! أقول: صححه فلان وفلان وفلان, قال: في أي كتاب؟! إذا قلت في كتاب كذا, قال: في أي جزء؟! بعد ذلك يقول: في أي صفحة مثلاً؟! ويمكن يقول لك: في أي سطر؟! أو لو قلت له هذا الحديث ضعيف, قال لك: ما سبب ضعفه؟ قد لا أحفظ سبب الضعف, أحفظ الحكم لكن لا أحفظ سبب الضعف, أجل قلت له: فيه فلان وهو رجل ضعيف, قال لك: من ضعف هذا الرجل؟! قلت: ضعفه أبو حاتم وأبو زرعة , قال: في أي كتاب؟!! وهكذا! صار يستطرد معك في أسئلة أقرب للتعجيز.

إذاً المطلوب العدل، من حقك أن تسأل عن صحة الحديث أو من خرجه لكن الاستطراد أين رواه؟ وفي أي مكان؟ وفي أي كتاب؟ ومن صححه؟ ومن ضعفه؟ وما سبب تصحيحه؟ وما سبب تضعيفه؟ هذا أمر صعب يحتاج إلى بحث, فإذا أحببت ذلك فعليك بالرجوع إلى المطولات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015