إن بلاد الأندلس كانت من خير بلاد الإسلام يوماً من الدهر، وأنجبت جحافلاً من العلماء الذين كانوا شموساً وبدوراً وأقماراً في أوقاتهم, وكل امرئ منهم كان سلطاناً للعلماء في وقته, بل إن بلاد الإسلام كلها وتاريخ الإسلام كله حافل بأولئك الرجال الأفذاذ الذين كانوا يقولون بالحق وبه يعدلون, وكانوا سلاطين حقاً بعلمهم وفقههم وشجاعتهم, وليس بسيوفهم وسياطهم وشرطهم وأعوانهم.
ولا شك أن الأمة إذا شعرت بأن واقعها مرير, فإنها دائماً تلتفت إلى ماضيها وتتطلع إلى غابرها ومن أعماق الماضي ينبثق الحاضر والمستقبل المشرق لهذه الأمة.
أيها الإخوة لقد كان من العلماء في كل عصور التاريخ أئمة أفذاذ شأنهم كما قال أحدهم: يقولون لي فيك انقباض وإنما أوا رجلاً عن موقف الذل أحجما أرى الناس من داناهم هان عندهم من أكرمته عزة النفس أكرما ولم أقض حق العلم إن كان كلما بدى طمع صيرته لي سلما أأشقى به غرساً وأجنيه ذلة إذاً فاتباع الجهل قد كان أحزما ولو أن أهل العلم صانوه صانهم ولو عظموه في النفوس لعظما ولكن أهانوه فهانوا ودنسوا محياه بالأطماع حتى تجهما