جزاء الذين قدموا للبشرية هذه الاختراعات

ثانياً: هؤلاء الذين قدموا هذه الأعمال للبشرية، فاخترعوا الكهرباء، أو الهاتف، أو غيره، ما هو جزاؤهم؟ جزاؤهم أن الله -تعالى- كتب لأسمائهم الخلود في الدنيا، فصار يتحفظها صغار الطلبة في مدارسهم، فيشكرون فلاناً لأنه أخترع المصباح الكهربائي، أو فلاناً لأنه اخترع الهاتف أو غير ذلك، فهذا جزاؤهم في الدنيا أما في الآخرة فليس لهم عند الله -تعالى- من خلاق، لأنهم افتقدوا القاعدة التي يجازى على ضوئها الناس في الدار الآخرة، ألا وهي قاعدة الإيمان، يقول ربنا عز وجل: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [المائدة:5] ويقول: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً} [الفرقان:23] ويقول لنبيه، ومصطفاه عليه الصلاة والسلام: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزمر:65] ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: {حيثما مررت بقبر كافر فبشره بالنار} .

ولما سأل إبراهيم ربه -كما في صحيح البخاري- في أباه وقال: يا رب وعدتني ألا تخزيني، وأي خزي أخزى من أبي الأبعد -أي كونه في النار- فقال له الله عز وجل: {يا إبراهيم إني حرمت الجنة على الكافرين} وفي الصحيح -أيضاً- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {إن الجنة لا يدخلها إلا نفس مسلمة، وإن الله -تعالى- ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر} ولما سألت عائشة -كما في صحيح مسلم- رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد الله بن جدعان، وكان في الجاهلية يصل الرحم، ويقرئ الضيف، ويحسن إلى الناس فهل ينفعه ذلك؟ قال صلى الله عليه وسلم: {لا يا عائشة إنه لم يقل يوماً من الدهر رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين} وفي حديث ضعيف أن عدي بن حاتم، سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أبيه، وكان من أجود العرب، وكرمائهم، هل ينفعه ذلك؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: {إن أباك أراد أمراً فبلغه} .

أراد أن يذكر بالجود والكرم، فأصبح مضرب المثل إلى يوم الناس هذا، فيقولون: أكرم من حاتم.

هذا كل ماله على عمله وهكذا من اخترع الهاتف -مثلاً-، أو المصباح الكهربائي، أو التطعيم ضد الأمراض أو غيره، كل ما له أن يذكره الناس بما عمل، فيكون له الذكر الحسن في هذه الدنيا، جزاءً عاجلاً، لأن الله تعالى لا يظلم أحداً، أما في الآخرة، فليس له عند الله تعالى من خلاق.

ولهذا لا تعجب أن يكون مخترع الكهرباء يعيش في ظلمات الجحيم، وأن يكون مخترع الهاتف يعيش أصم في نار جهنم كما قال الله تعالى: {لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لا يَسْمَعُونَ} [الأنبياء:100] وأن يكون مخترع المدفأة وصانعها يقاسي برد الزمهرير، وأن يكون صانع التكييف ينضج جلده على لهيب النار، نسأل الله تعالي العفو والعافية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015